Author

«الإيميل» الأسود

|

جاء مدير في شركة خاصة إلى قسمه الساعة الثامنة صباحا فلم يجد أي موظف. غضب بشدة لأنه كان بحاجة إلى إنجاز مهمة عاجلة.

كان يتوقع أن يرى زملاءه على مكاتبهم رغم أن موعد الدوام هو التاسعة.
عدم وجودهم أثار حفيظته وزاد توتره توترا.
قرر في لحظة انفعال وغضب أن يكون الدوام ابتداء من الغد في الساعة السابعة صباحا. أي قبل الموعد السابق بساعتين.
كتب رسالة بريدية إلكترونية "إيميل" طويلة يعبر فيها عن سخطه. تسيل منها عبارات التنديد والاستنكار وخيبة الأمل.
استقبلها فريقه بغضب أكبر. داوموا في اليوم التالي حسب ما وجه مديرهم. لكن أداءهم انخفض كليا وتراجع بشكل يشعر به ويستشعره الجميع.
 لم يتوقف الأمر عند هذا الحد، انصرف الموظفون عند الساعة الرابعة تماما.
الرابعة ودقيقة واحدة أدار الجميع ظهورهم للعمل. لم يعد الموظفون يردون على اتصالات مديرهم بعد انتهاء الدوام الرسمي.
خلاف ما كانوا يقومون به قبل "الإيميل الأسود".
فقد كانوا يظلون على مكاتبهم حتى ساعة متأخرة في الليل، لتنفيذ كل المهام والمتطلبات وأكثر. كانوا يستقبلون اتصالات مديرهم في أي وقت بحفاوة واهتمام وتفان.
انقلب الحال رأسا على عقب.
حاول المدير أن يتراجع عن قراره. بل بالفعل تراجع، وأعاد الدوام إلى الساعة التاسعة. لكن الذي انكسر لم ينصلح.
واصل فريقه نفوره واستياءه وانزعاجه. يداوم برتابة وضيق وألم.
ما زالت الكلمات القاسية التي حملها "الإيميل" تسكن أعماقهم وتثير حنقهم.
في أحيان كثيرة لا يحتاج فريقك إلا إلى احترام فحسب.
هذا الاحترام يجعلهم يمضون في أعمالهم مبتسمين متفانين منتعشين.
أحسن الظن في فريقك وامنحه الثقة والمساحة، وستجد ما يسرك من إنتاج وإبداع.
نخطئ كثيرا عندما نعتقد أن الإدارة تتطلب غضبا وسخطا، في حين أنها تحتاج إلى دعم وتحفيز.
مهما طال أمدك في الإدارة ستذهب. يبقى عبيرك وتعبيرك.
تأكد أنك تركت الأثر الطيب والذكر الحسن والمواقف النبيلة، التي ستجعل رصيدك لا ينفد وسيرتك لا تصدأ.
احذر من القرارات الانفعالية.
فحينما ترتكبها لا يمكن أن تمسحها. ستظل محفورة وشما لا يغادر.           

اخر مقالات الكاتب

إنشرها