Author

يقول صندوق النقد إننا سنفلس! «4»

|

دولتنا، ثرواتها متعددة، من أبعد دول الدنيا عن أن تفلس؛ ليس فقط لاحتياطياتها النقدية، ومخزونها النفطي، بل لثروات مواطنيها وقدراتهم ومواهبهم وروحهم الريادية، وصلابتهم وإصرارهم عبر العصور، وفوق كل هذا، ما أكرم الله -سبحانه- دولتنا به من احتضان مكة المكرمة والمدينة المنورة، أقدس البقاع قاطبة، ففيهما منافع اقتصادية منذ الأزل. في ظني أن حديثنا ينبغي ألا يتمحور حول حديث صندوق النقد بأن الدول النفطية أمامها 15 عاما قصيرة لمواجهة الإفلاس، بقدر ما أن تكون فرصة لبيان أن الأجندة السعودية لم تخلُ قط من اهتمام بالتحصن للمستقبل؛ أخذا بالأسباب. بالتأكيد لم ننجح طوال الوقت لاعتبارات وأسباب عديدة، لكننا لم نبتعد قط عن المحاولة والسعي إلى تنويع اقتصادنا والعمل على زيادة سعته. بوسعنا القول ارتكازا على الجهود المبذولة على مدى ثمانية عقود، إن العين كانت دائما على المستقبل، نسعى للإجابة عن سؤال: ماذا بعد النفط؟ حتى لا أستطرد في الحديث عن بدايات التخطيط التنموي في المملكة، فالأجدر، بيان أن السعي الراهن للعمل من خلال منظومة متماسكة من المستهدفات والبرامج التنفيذية المرتبطة بإطار زمني معين، يدفعها إلى تحقيق تنوع اقتصادي يقود إلى استقرار وتنوع لإيرادات الخزانة العامة، هو أحد العناوين الرئيسة لـ"رؤية 2030". إن الدافع لكل ذلك هو تحقيق وتيرة أعلى من النمو والازدهار وبحبوحة العيش، هذا ما يعنيه أن تكون لنا رؤية مستقبلية، وإلا فما مسوغ وجود "رؤية" إن لم تجلب الرضا والرفاهية ورغد العيش للمواطن؟!
لست قلقا أن نفلس، فذلك أمر بعيد، كما وطأت الأجزاء السابقة بتناول حالات عملية لعديد من الدول. أما التحدي فهو جعل اقتصادنا ينمو بالقدر الكافي، وهذا أمر تتحرك لتحقيقه جحافل من الجهود المتسقة، ما نشاهده يتحقق تباعا في مجالات عدة، تقليدية وغير تقليدية. بالأمس أعلن عن إنجاز في قطاع الطاقة، ولكنه أبعد ما يكون عن التقليدية، تطوير حقل الجافورة، واستخراج ما يحتضنه في مكمنه من غاز غير مصاحب. علينا أن نتذكر أن الغاز، هو لقيم الصناعات البتروكيماوية، التي حققت فيها السعودية مكانة متقدمة. من الناحية الكلية، سيحقق تطوير"الجافورة" إضافة نوعية للاقتصاد من حيث القيمة المضافة، إذ سيزيد قيمة الناتج المحلي الإجمالي نحو 2.9 في المائة على مستواه الحالي، ويزيد إيرادت الخزانة العامة بنحو 3.3 في المائة، وستعني استثمارات تطويره ضخا في تكوين رأس المال الثابت بما يزيد على 400 مليار ريال، أي إضافة لن تقل عن 5 في المائة، باعتبار المستويات الحالية للاستثمار في الأصول الثابتة "470 مليار ريال".

إنشرها