Author

أفسحوا

|


أثناء دراستي في أمريكا، استضاف زميلي في منزله، أحد المسؤولين القادمين من الرياض.
ولاحظت أن صاحب المنزل حرص على أن يجلس بجواره أحد زملائنا المبتعثين، الذي لديه معاملة مزمنة تقع تحت مسؤولية وصلاحيات ذلك المسؤول. وحرص المضيف أن يفسح المجال لزميلنا ليقترب من المسؤول، ويتيح له الفرصة ليتواصل معه بسهولة ويسر، ليشرح له التحديات العالقة.
لم يسهم هذا التصرف في حل المشكلة فحسب، وإنما في تقوية العلاقة بين زميلنا "صاحب المعاملة" والمسؤول، حتى أصبح أحد قياداته الرئيسة بعد عودته إلى أرض الوطن، واكتشاف قدراته ومهاراته من كثب.
والسبب يعود بعد توفيق الله، لمضيفنا الذي أفسح المجال لزميل لا يعرفه تمام المعرفة، لكنه أدرك أن له حاجة عند ذلك المسؤول، فحرص أن يساعده على قضائها بفروسية ونبل كبيرين.
كلما استعدت ذلك الموقف تذكرت الآية الكريمة: "يا أيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا يفسح الله لكم".
فهي تختصر كل شيء وتشرح كل شيء.
وإن أنتم تفسحتم؛ فإن الله تعالى يكافئكم فيوسع عليكم في الدنيا بسعة الرزق، والفوز والتوفيق.
ولا أخفيكم أن الموقف الذي سطره مضيفنا، هو ديدنه ومنهجه وسلوكه.
ولم أره طوال علاقة امتدت به لأكثر من 15 عاما متكدرا أو متضايقا. لدي قناعة حقيقية أن السعداء هم من يسعدون الآخرين.
يا عزيزي؛ لن تسقط ما دمت تملك أحبة حقيقيين، سيمدون أيديهم نحوك ليمنعوك من الوقوع. ودائما علينا أن نردد على ذواتنا: افعل ما تود أن يعود إليك دوما.
الإنسان النبيل هو من يقدم لك الحلول السهلة للأمور الصعبة. يفسح لك المجال لتتقدم وتتطور. لا يتأخر عن دعمك ومؤازرتك، فيظل دائما في المقدمة.
إذا أردت أن تعرف قيمة شخص، راقب كيف يتعامل مع الآخرين، عندما تجده يفسح ويدعم ويشجع فثق به واطمئن له.
النجاح الحقيقي هو أن تمنح الآخرين، تساعدهم وتمدهم بالخير وتفسح المجال لهم، فتفسح المجال لنفسك لتكون في الصدارة، محاصرا بالمحبة والامتنان والدعوات.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها