Author

إعادة تعريف دور وزارة العمل

|

اقتصادي في السياسات الاقتصادية وإدارة استراتيجيات الأعمال والشراكات الاستراتيجية.


هياكل الحوافز التي تقدمها وزارتا العمل والاقتصاد في مسائل توظيف المواطنين ونمو الاقتصاد، قد يطول أمدها قبل أن تحقق النتائج المأمولة، على الرغم من قناعتي أن كل وزارة تعكف على أداء مهامها الحالية وفق إطار تقليدي قد لا يتسم بالتكامل الفاعل بين سياسات العمل والاقتصاد. الحقيقة: إن الأمر الذي لا يدركه كثير من غير المختصين في الاقتصاد والسياسات الاقتصادية، أن تعارض سياسات العمل مع سياسات الاقتصاد حتى لو جزئيا؛ سيعطي نتائج غير مرغوبة تبعا لذلك، أو قد نرى آثارا عكسية يصعب حلها مستقبلا إلا من خلال فرض قيود قاسية أو مرهقة للأسواق والاستثمارات، وغالبا ستفرض قيود تنظيمية وليست اقتصادية.
سياسات وزارة الاقتصاد والتخطيط نظريا يتعين عليها رفع حجم الاستثمارات في الأسواق الداخلية بجميع درجاتها، ويأتي توظيف المواطنين تبعا لتلك السياسات التي لها غايات استراتيجية تتعلق بالبطالة والنمو الاقتصادي. ما نراه حاليا من خلال استقراء قرارات "العمل" و"الاقتصاد"، أن مستوى التكامل على مستوى الغايات الاستراتيجية سلبي بالدرجة التي تجعلنا نلمس نتائج تقلص معدل البطالة الذي يحوم حول 12 في المائة.
أدت سياسات العمل السلبية إلى زيادة معدلات توظيف الأجانب على حساب المواطنين، في حين أن وزارة الاقتصاد لم نلمس من قراراتها أي سياسات محفزة لتنمية الإنفاق الاستهلاكي الذي له التأثير الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي. ما حصل في واقع الأسواق الداخلية أن وزارة العمل استخدمت التأشيرات سياسة تحفيز للنمو الاقتصادي؛ بسبب عدم وجود دور لوزارة الاقتصاد في هذه السياسات، والحقيقة: إن أكثر مكاسب إصلاح سوق القوى العاملة الأجنبية أخذت تتقلص كثيرا بسبب العودة إلى منح تأشيرات العمل بطريقة تنظيمية وليست اقتصادية؛ لعدم تفعيل السياسات الاقتصادية من وزارة الاقتصاد والتخطيط؛ كما أن وزارة العمل قامت بدور المنظم الاقتصادي من خلال تحديد نسب التوطين وتحديد حجم التأشيرات لسوق العمل؛ لذا أصبح المستثمر يراقب قرارات وزارة العمل ولا يراقب قرارات وزارة الاقتصاد والتخطيط التي يفترض أنها المعنية بمسائل نسب وأساليب التوطين، وهذا الأمر جعل وزارة العمل تقوم بتلبية طلب التأشيرات حتى لا تعطل الأسواق الداخلية وبشكل خاص قطاع التجزئة، ما أحدث فوارق ونتائج غير مرغوبة.
أعتقد أننا نحتاج إلى إعادة تعريف دور وزارة العمل من خلال هيكلتها وتحويلها إلى هيئة للعمل أو هيئة قوى بشرية مستقلة؛ تعنى بشؤون العاملين في القطاع الخاص من حيث الحقوق والواجبات والتحقق من تطبيق القيود المهنية وتصنيف العاملين والمهارات، إضافة إلى تحصيل الرسوم ذات العلاقة بالقوى العاملة، وتنقل جميع قرارات التوطين، إضافة إلى قرار تحديد عدد التأشيرات ونسبها وخصائص العاملين لكل تأشيرة إلى وزارة الاقتصاد، وتقوم وزارة الاقتصاد بعمل السياسات اللازمة لزيادة معدلات الاستثمار ووضع السياسات والمبادئ التوجيهية اللازمة لهيئة العمل.

إنشرها