Author

ألفة الهزيمة

|


لا يمكن أن يقبل خالد خسارة أي مباراة يلعبها. يقاتل بكل مشاعره وأحاسيسه من أجل الفوز.
يدخل المباراة بخيار واحد هو الانتصار. يحقق الفوز بعد الآخر.
فالفريق الذي يلعب له هو الذي سينتصر ويتوج بالفرح. جعل من كرة الطائرة لعبة شعبية بين أقرانه، من فرط ولعبها والحديث عنها.
تعرض لإصابة في الركبة أثرت على مستواه بشكل واضح وملموس. أسهمت الإصابة في تلقي خالد خسائر متتالية. لم يعد ذلك البطل الذي نعرفه. بات يخسر دائما.
شفي خالد من الإصابة، لكنه لم يشف من الخسائر. دخل دوامة لم يخرج منها.
أذكر أنني سألته عن سبب تلك الهزائم المتتالية، فأجابني إجابة رسخت في ذاكرتي رغم الأعوام الطويلة التي مرت عليها.
يقول، "اعتدت الخسائر حتى ألفتها وألفتني". لقد وقع في خطأ جسيم حينما لعب مصابا ومنهكا فذاق مرارة الهزيمة، وكابر واستمر حتى لم يستطع الخروج من تلك الدوامة.
في أحيان كثيرة نقع في الفخ ذاته، الذي وقع فيه خالد.
نعمل في الوظيفة الخطأ، فلا نضيف جديدا ولا نثير نقعا ولا صليلا، ونستمر دون أن نتأمل في واقعنا المزري،لأننا ألفنا الخسارة.
اعتدنا على البلادة والرتابة والحضور الهامشي. فأمسينا نرتطم بنتيجة واحدة قاتمة وحالكة، جعلتنا نراوح في أماكننا.
ينسحب الحديث ذاته على الطالب الذي يدرس في التخصص غير المناسب، وريادي الأعمال الذي اختار المجال غير الملائم له ومهاراته.
يدور في حلقة مفرغة بعد أن أدمن الدوران وألف الخسارة.
أسوأ حدث قد يصيبني أو يصيبك عندما نألف التهميش والهامش والظل؛ لأننا ألفنا تلك التفاصيل المعتمة. فلا نستطيع حينها أن نخرج إلى الضوء أو النور. فأبصارنا لا تقوى عليها. وأجسادنا تكلست وكسلت، وليس بوسعها المضي والانطلاق.
جميل أن نحاول ونثابر ونكافح، لكن بطريقة مختلفة في أجواء مختلفة. استعمال الأدوات ذاتها، وسلوك الاتجاه ذاته، لن يهدينا إلى طريق جديد وفريد ومثير، بل مظلم ودامس ومخيب.
أصعب شيء في الحياة أن تعتاد على الهزائم.
أرجوك لا تألفها حتى لا تألفك.

اخر مقالات الكاتب

إنشرها