default Author

غياب الثقة وغلاء المعيشة يذكيان الاحتجاجات «2 من 2»

|


الإصلاح لا يمكن فرضه من الخارج. ويجب على دول المنطقة أن تحقق توافقا داخليا في الآراء على أن الأسواق التي يسودها الاحتكار سواء كانت خاضعة لهيمنة الجيش أو قلة من أصحاب النفوذ تضعف آفاق المستقبل أمام الشباب والنساء الذين تتزايد في الأغلب مستويات تعليمهم. وينبغي تفكيك هذه الاحتكارات لإفساح المجال والنطاق الواسع لازدهار رواد الأعمال الصادقين والمبدعين. وفي أغلب الأحيان توجد لدى الدول من الناحية النظرية قوانين تنظم المنافسة، لكن المشاريع المملوكة للدولة والجهات الفاعلة الأخرى ذات الامتيازات تستغل الاستثناءات، وتواصل أنشطتها التجارية الخاسرة. وبوجه عام، لا يجري تطبيق قوانين المنافسة في كثير من الدول النامية على نحو منهجي، وذلك في الأغلب بسبب عدم استقلالية القضاء، وضعف استقلالية أجهزة تنظيم المنافسة وقدرتها على فرض جزاءات. ويؤدي عدم فعالية إنفاذ القوانين في نهاية المطاف إلى تدني جودة الخدمات العامة المقدمة وارتفاع تكلفتها "مثل إمدادات المياه وإدارة النفايات الصلبة، والكهرباء، والاتصالات السلكية وغير السلكية"، ويحفز على تراكم الدين العام، ويذكي تصورات الناس عن الفساد.
وقد تساعد زيادة انفتاح الأسواق على إطلاق العنان لكامل قدرات الأفراد في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. ويتطلب تحقيق ذلك وجود حكومات مفتوحة. لكن الجهات الرقابية حينما توجد لا يمكنها أداء دورها بفاعلية والمساعدة على استعادة الثقة بالنظام إلا إذا وجد ما يكفي من الشفافية والبيانات الكافية التي تتيح تقييم السياسات العامة. غياب الشفافية يحدث صعوبات في إقراض مشاريع البنية التحتية؛ حيث لا يتم في أحوال كثيرة الإفصاح بالكامل عن الضمانات والامتيازات والشروط والبنود الخفية في العقود. وقد تكون الديون الخفية جذابة لبعض قادة الدول النامية الذين يستخدمونها لتحقيق مكاسب شخصية، لكن هذه الديون تزيد الأعباء الاقتصادية الحقيقية، وتعرض للخطر مستقبل الأجيال الشابة الذين يزداد استياؤهم وشعورهم بخيبة الأمل. وينبغي لحكومات الدول المدينة والدائنة في أنحاء العالم أن تتصرف على نحو أكثر رشدا وإدراكا للعواقب وتلتزم بشروط شفافة في قروض مشاريع البنية التحتية. ومن الضروري أن يكون المواطنون على دراية تامة بالالتزامات الطارئة التي تقدمها الحكومات باسمهم. وبالنظر إلى تضخم دور الدولة في كثير من اقتصادات منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن تعزيز القطاع الخاص من خلال أسواق مفتوحة يتطلب أن تضفي الحكومات مزيدا من الشفافية على المشتريات والتعاقدات الحكومية، وتعمل لجعل الائتمان متاحا على نطاق واسع. وستزيد زيادة شفافية المشتريات الحكومية صعوبة حصول الشركات التي تحظى بامتيازات على تعاقدات مربحة من الحكومة، وهو ما يساعد على النهوض بقطاع خاص حقيقي. وتؤدي الامتيازات التي تتمتع بها المشاريع المملوكة للدولة في الحصول على الائتمان، ولا سيما من المصارف العامة، إلى مزاحمة المشاريع صغيرة ومتوسطة الحجم التي تجد صعوبة في الحصول على قروض، ليس هذا فحسب، لكنها تلقى أيضا صعوبة في منافسة الشركات المملوكة للدولة التي يتيح لها ما تتمتع به من سهولة الحصول على الائتمان أن تعمل على نحو لا يتسم بالكفاءة أو حتى بخسارة. وذلك أمر لا يمكن استمراره. الشباب في عديد من دول منطقتي الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يرفضون الوضع القائم ويطالبون أن تعمل الحكومات لتحقيق تغير إيجابي. ويجب على تلك الحكومات أن تغتنم الفرصة التي تتيحها أسعار الفائدة المنخفضة للاستفادة من أسواق رأس المال العالمية من أجل التشجيع على بناء أسواق أكثر انفتاحا تقوم على المنافسة النزيهة وحكومات شفافة.

إنشرها