الاقتصاد العالمي .. وآفاق محفوفة بالمخاطر «2 من 2»
إن المخاطر متصاعدة، إضافة إلى ذلك هناك عديد من مخاطر التطورات السلبية على النمو. فتصاعد التوترات التجارية والجغرافية - السياسية، بما في ذلك المخاطر المرتبطة بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، يمكن أن تؤدي إلى زيادة إرباك النشاط الاقتصادي، وانحراف التعافي الهش بالفعل عن مساره في اقتصادات الأسواق الصاعدة ومنطقة اليورو. ويؤدي هذا الأمر إلى حدوث تحول مفاجئ في اتجاهات الإقدام على المخاطر، واضطرابات مالية، وانعكاس في مسار التدفقات الرأسمالية المتجهة إلى اقتصادات الأسواق الصاعدة. ويمكن أن يترسخ التضخم المنخفض في الاقتصادات المتقدمة ويزيد من تقييد الحيز المتاح من السياسة النقدية في المستقبل، ما يحد من فاعليتها.
سياسات تحفيز النمو من جديد من أجل إنعاش النمو. يجب على صناع السياسات إزالة الحواجز التجارية التي وضعت باتفاقيات دائمة، وكبح التوترات الجغرافية - السياسية، وتخفيف أجواء عدم اليقين المحيطة بالسياسات الداخلية. ومن شأن هذه الإجراءات إعطاء دفعة كبيرة للثقة، وتنشيط الاستثمار والصناعة التحويلية والتجارة. وفي هذا الصدد، نحن نتطلع إلى مزيد من التفاصيل عن الاتفاق المؤقت الذي توصلت إليه الصين والولايات المتحدة أخيرا. ونرحب بأي خطوة تتخذ لتهدئة التوترات والتراجع عن التدابير التجارية الأخيرة، ولا سيما إذا كان يمكن أن تفتح الطريق أمام الوصول إلى اتفاق شامل ودائم.
ولتفادي المخاطر الأخرى التي تهدد النمو وزيادة الناتج الممكن، ينبغي للسياسة الاقتصادية أن تدعم النشاط على نحو أكثر توازنا. فلا يمكن أن تكون السياسة النقدية هي الحل الأوحد، وينبغي أن تقترن بدعم المالية العامة حيثما يكون الحيز المالي متاحا وتكون سياسة المالية العامة ليست مفرطة في التوسع بالفعل. ففي بلدان مثل ألمانيا وهولندا، ينبغي الاستفادة من انخفاض أسعار الفائدة على القروض للاستثمار في رأس المال الاجتماعي ورأسمال البنية التحتية حتى من منظور التكاليف والمنافع الصرف. وإذا قدر لأوضاع النمو أن تشهد مزيدا من التدهور فقد تصبح استجابة المالية العامة المنسقة على المستوى الدولي ضرورة مع مراعاة ظروف كل بلد على حدة.
وفي الوقت الذي يقوم فيه التيسير النقدي بدعم النمو يكون من الضروري تطبيق نظم فعالة للسلامة الاحترازية الكلية اليوم لمنع سوء تسعير المخاطر والتراكم المفرط لمواطن الضعف المالي.
ومن أجل تحقيق النمو المستدام، لا بد أن تبادر البلدان بإجراء إصلاحات هيكلية لزيادة الإنتاجية وتعزيز الصلابة والحد من عدم المساواة. وتزداد فعالية الإصلاحات في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية كذلك عندما تكون نظم الحوكمة السليمة مطبقة بالفعل.
وخلاصة القول: لا تزال الآفاق العالمية محفوفة بالمخاطر في ظل حالة التباطؤ المتزامن وعدم اليقين بشأن التعافي. فمع بلوغ النمو معدلا قدره 3 في المائة ليس هناك مجال لأي أخطاء على مستوى السياسات، والحاجة ماسة إلى تقديم صناع السياسات لدعم النمو. ويتعين تحسين نظام التجارة العالمية، لا التخلي عنه. كما يتعين أن تعمل البلدان معا لأن العمل متعدد الأطراف لا يزال هو الحل الوحيد لمعالجة القضايا الرئيسة، كالمخاطر المتأتية من تغير المناخ، ومخاطر الأمن الإلكتروني، والتحايل، والتهرب الضريبيين، والفرص والتحديات المتعلقة بالتكنولوجيا المالية الناشئة.