عمرك الروحي
يعيش أغلبية الأفراد حبيسين لعدد سنين أعمارهم، ويربطون أفعالهم وسعادتهم بعدد الأيام والسنين، التي عاشوها، وكلما تقدم بهم العمر، أصبحوا أكثر حزنا ويأسا ومللا ينتظرون النهاية!
ماذا لو عرفت أن لك أكثر من عمر، وأنك لست مضطرا للكذب في عدد سنوات عمرك، لأن عمرك الحقيقي ليس بعدد السنوات والأيام والساعات، التي مرت عليك منذ ولدت، بل بكيف عشت تلك الأيام، وعدد ساعات نومك ونوعية غذائك والرياضة التي تمارسها وكيفية تعاطيك مع من حولك!
من حقك عندما تسأل عن عمرك أن تتغافل عن عدد السنين التي عشتها فعليا، وتجيب بنوع العمر الذي يجعلك في عمر الشباب، لأنك أنت من صنع أيامه بطريقتك التي قررت أن تعيش بها.
فهناك "عمرك الزمني" المتعارف عليه، وهو عدد السنوات والشهور والأيام التي عشتها منذ ولادتك، و"عمرك البيولوجي" وهو عمر حيوية وفاعلية جسدك الحالية، ويقاس بحساب الكتلة الجسمية "الوزن والدهون في الجسم"، والصحة العامة "بالذات الهضم والمناعة"، وتعرضك للتلوث و"نوع الغذاء والتدخين والبيئة التي تعيش فيها.."، ونمط الحياة عموما بما في ذلك العلاقات والتمارين والعادات التي تمارسها. قد يكون هناك شخص عمره الزمني 35 عاما، وعندما تراه من شكله وتصرفاته تشعر أنه في الستين من عمره. ويبدأ عمرك البيولوجي بالتسارع والزيادة بعد بلوغك 26 عاما، لذلك بادر بتغيير نمط حياتك منذ بلوغك 25 عاما حتى تحظى بعمر بيولوجي قليل.
أما "عمرك السيكولوجي"، فيحدده مدى تفاعلك مع الحياة بكل تقلباتها و"عمرك العقلي"، الذي بينه العالم ألفريد بينيت لأول مرة عام 1905، فيقاس بأداء الفرد العقلي لوظائف معينة عند عمر معين، مقارنة بالأداء العقلي المتوسط لأقران الفرد من العمر الجسدي نفسه.
والأهم منهم "عمرك الروحي" الذي اعتاد الناس على ربطه بالحكمة، وهي درجة عالية من الوعي والإدراك.. وأنا هنا أعني به تلك الروح الشابة التي تسكنك، وذلك الطفل الذي يعبث في داخلك، فيجعل الحياة في نظرك شيئا صغيرا وتافها، فتأخذ منها أجمل ما فيها.
العمر الزمني ما هو إلا رقم نرقبه ونحسبه ونخشاه في الغالب. أما عمرنا الروحي، فأنا وأنت من يحدده ويمنحه الرقم المناسب، كم شاهدت من أناس أعمارهم صغيرة، لكن أرواحهم هرمة، وآخرون قد قاربوا مائة عام، لكن أرواحهم تحمل براءة الطفولة.. لذا تخيروا لأرواحكم أعمارا صغيرة، لأن هذه الروح ستعكس إشراقتها على جسدك فتبقى شابا على طول الزمن.