Author

البطالة وإحصاءات القوى العاملة

|


على الرغم من الجهود الكبيرة التي تبذل لتوسيع خيارات التوظيف وزيادة توطين الوظائف في كثير من القطاعات، خاصة للمرأة، فإن معدلات البطالة لدينا لم تتغير كثيرا، بل بقيت عند مستوياتها تقريبا. فبناء على نشرة القوى العاملة للربع الأول لعام 2019، فإن عدد المشتغلين السعوديين يصل إلى 3112029، منهم 2036142 ذكرا ونحو 1075887 أنثى، ومن اللافت والمبهج أن ترتفع نسبة الإناث إلى نحو 35 في المائة. وتشير النشرة ـ أيضا ـ إلى أن عدد الباحثين عن عمل يصل إلى 945323 منهم 167811 ذكرا و777512 أنثى. وتحسن الإشارة إلى أن الإحصاءات الإدارية للمشتغلين لا تشمل الأفراد غير المسجلين في المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية ووزارة الخدمة المدنية مثل العاملين لحسابهم الخاص.
وللمقارنة، تصل معدلات البطالة في الربع الأول لعام 2015 نحو 11.5 في المائة للقوى العاملة السعودية، في حين يرتفع المعدل للإناث إلى نحو 33.8 في المائة، وينخفض نسبيا إلى 5.3 في المائة للذكور، وفي الربع الأول لعام 2018، بلغ معدل البطالة 12.9 في المائة لإجمالي قوة العمل السعودية، ونحو 30.9 في المائة للإناث، و7.6 في المائة للذكور. ومن المثير حقا، أن المعدلات لم تتغير كثيرا خلال الربع الأول من هذا العام 2019، فمعدل البطالة لإجمالي القوى العاملة السعودية بلغ نحو 12.5 في المائة، واستمر مرتفعا عند مستويات عالية للإناث "31.7 في المائة" مع انخفاض بسيط عما كان عليه في الماضي، في حين بلغ 6.6 في المائة للذكور. ومن اللافت للنظر أن معدلات البطالة لم تتغير كثيرا خلال الأعوام الماضية، خاصة مع التغير الكبير في نسب المشتغلات السعوديات، إذ كانت 16 في المائة حسب نشرة القوى العاملة "بيانات مسح القوى العاملة" لعام 2015، ثم ارتفعت النسبة إلى 34.4 في المائة حسب نشرة القوى العاملة لعام 2018 "بيانات السجلات الإدارية"، ثم إلى 34.6 في المائة حسب نشرة القوى العاملة لعام 2019 "بيانات السجلات الإدارية". والأغرب من ذلك التناقضات الكبيرة في حجم قوة العمل عموما، وأعداد المشتغلين والمتعطلين السعوديين ما بين السجلات الإدارية ومسوحات القوى العاملة من جهة، وفيما بين هذه المصادر نفسها من سنة لأخرى. فعلى سبيل المثال، تشير بيانات مسح القوى العاملة إلى أن نسبة السعودة 46 في المائة من قوة العمل في المملكة، في حين يتبين من نشرات القوى العاملة لعامي 2018 و2019 أن نسبة المشتغلين السعوديين بلغت 23 و24 في المائة على التوالي، ما يتطلب وقفة جادة لإصلاح بيانات قوة العمل وتوحيد مصادرها.
ومن المثير أن يبقى كثير من مؤشرات القوى العاملة على حالها تقريبا، وهنا تبرز عدة تساؤلات منها:
(1) هل من المعقول أن تبقى معدلات البطالة دون تغيير يذكر على الرغم من الجهود الكبيرة والتوسع الهائل في توظيف النساء، حتى لو افترضنا أن عدد الداخلين لسوق العمل كبير ومستمر، نتيجة ما يعرف بالنافذة الديموغرافية Demographic Window؟
(2) هل من المعقول أن ينخفض عدد المشتغلات السعوديات من 1082433 امرأة مشتغلة في 2018 إلى 1075887 امرأة مشتغلة في 2019 بناء على بيانات السجلات الإدارية، وليس بيانات عينة مسح القوى العاملة؟
(3) هل من المعقول أن ينخفض عدد المشتغلين السعوديين من 3150409 أفراد في 2018 إلى 3112029 فردا في 2019؟
وبناء على ما سبق، هل بيانات القوى العاملة وصلت إلى الدقة المناسبة لدراسة التغيرات والتخطيط للقوى العاملة أم أنها لا تزال مبعثرة وغير متناسقة ومتناقضة؟
ختاما: لضبط إيقاع سوق العمل وتحسين دقة البيانات، ومن ثم التخطيط للقوى العاملة ورسم الاستراتيجيات الناجعة، أقترح دمج وزارة العمل مع وزارة الخدمة المدنية، واستقلال وزارة التنمية الاجتماعية. ولا يقل عن ذلك أهمية العمل الجاد لتحسين دقة بيانات القوى العاملة، وكذلك تفعيل تنقلات القوى العاملة بين دول مجلس التعاون وتبسيط إجراءات التوظيف وتسهيلها للراغبين من مواطني دول المجلس.

إنشرها