Author

العام المقبل يشهد وفرة كبيرة في الإمدادات

|

في النصف الأول من عام 2019، شهدت أسواق النفط العالمية فائضا كبيرا في الإمدادات أكبر بكثير مما كان متوقعا في السابق. إذا نظرنا إلى الأمام، من المتوقع أن تتشدد الإمدادات في النصف الثاني من العام، لكن تلك قد تكون مجرد فترة مؤقتة قبل عودة التخمة إلى الأسواق.
في الأشهر الستة الأولى من هذا العام تجاوز العرض العالمي من النفط الطلب بنحو 0.9 مليون برميل في اليوم، وفقا لأحدث تقرير صدر عن وكالة الطاقة الدولية عن أسواق النفط العالمية. هذه الأرقام تناقض التوقعات التي سادت في أسواق النفط قبل أسابيع قليلة. على سبيل المثال، قالت الوكالة في تقريرها الأخير إن أسواق النفط شهدت فائضا قدره نحو 0.5 مليون برميل يوميا في الربع الثاني، في حين أنها اعتقدت في السابق بأنه سيكون هناك عجز قدره 0.5 مليون برميل يوميا.
وأضافت الوكالة أن هذا الفائض في الإمدادات سيزيد من تراكم المخزون الضخم الذي شوهد في النصف الثاني من عام 2018 عندما ارتفع إنتاج النفط في الوقت الذي بدأ فيه نمو الطلب في التعثر. من الواضح أن تشدد الأسواق لا يمثل مشكلة في الوقت الحالي ويبدو أن أي إعادة للتوازن في الأسواق لن تحدث في أي وقت قريب. قيام "أوبك" وحلفائها بتمديد اتفاق خفض الإنتاج إلى الربع الأول من عام 2020 أزال حالة عدم يقين رئيسة، لكن الوكالة قالت إن ذلك لن يغير النظرة الأساسية لسوق العرض المفرط.
يتطابق هذا الاستنتاج مع التوقعات التي توصلت إليها "أوبك" نفسها، التي ذكرت في تقريرها الشهري الأخير أن الطلب على نفط المنظمة سيكون أقل بكثير في العام المقبل. حيث إن ارتفاع إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيتجاوز نمو الطلب هذا العام والعام المقبل، ما يعني أن الأسواق قد تشهد فائضا كبيرا في عام 2020. بعبارة أخرى، تواجه "أوبك" وحلفاؤها معضلة: هل تحافظ على اتفاق خفض الإنتاج الحالي وتواجه وفرة متفاقمة، أم تخفض الإنتاج أكثر؟
في هذا الجانب توقعت الوكالة ارتفاع المخزون النفطي بنحو 136 مليون برميل بحلول نهاية الربع الأول من عام 2020، على افتراض أن إنتاج "أوبك" سيبقى ثابتا عند المستوى الحالي البالغ نحو 30 مليون برميل في اليوم. وأضافت الوكالة أن الطلب على نفط "أوبك" في أوائل عام 2020 قد ينخفض إلى 28 مليون برميل في اليوم فقط. وتجدر الإشارة هنا إلى أن "أوبك" أنتجت 29.83 مليون برميل في اليوم في شهر حزيران (يونيو).
في حين وضعت "أوبك" الطلب على نفطها عند مستوى أعلى قدره 29.3 مليون برميل في اليوم في العام المقبل، وهذا بالتأكيد تباين كبير عن توقعات وكالة الطاقة الدولية. ومع ذلك، فإن الاستنتاج هو نفسه - فقد تضطر "أوبك" إلى خفض الإنتاج بشكل أكبر إذا أرادت تجنب انخفاض حاد في الأسعار. في هذا الصدد، تشير أرقام "أوبك" إلى أنها قد تحتاج إلى خفض الإنتاج بمقدار 560 ألف برميل إضافية في اليوم؛ في حين تشير أرقام الوكالة إلى أنه قد تكون هناك حاجة إلى تخفيض أعمق قدره 1.8 مليون برميل في اليوم.
حول هذه التوقعات، قالت الوكالة إن تهديد الفائض المتجدد يمثل تحديا كبيرا لأولئك الذين تولوا مهمة إدارة السوق، والمقصود هنا "أوبك" وحلفاؤها. من الملاحظ أن الوكالة لم تخفض توقعاتها للطلب، بل تمسكت بنمو قدره 1.2 مليون برميل في اليوم هذا العام. على الرغم من أن إدارة معلومات الطاقة في الولايات المتحدة خفضت تقديراتها للطلب العالمي إلى 1.1 مليون برميل في اليوم. ذلك أن الوكالة كانت أكثر تفاؤلا بشأن انتعاش الاقتصاد العالمي، حتى في الوقت الذي خفضت فيه معدل نمو الطلب في الربع الثاني بمقدار 450 ألف برميل في اليوم إلى 800 ألف برميل في اليوم على أساس سنوي.
جميع الوكالات الرئيسة – "أوبك"، وكالة الطاقة الدولية، وإدارة معلومات الطاقة – يرون نموا قويا في الإمدادات من النفط الصخري في الولايات المتحدة. نعم تختلف أرقامهم، لكنهم يرون بشكل عام أن الإنتاج من خارج منظمة أوبك "حيث يمثل إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة معظم النمو المتوقع" سينمو بنحو مليوني برميل في اليوم هذا العام، وحتى العام المقبل. بعبارة أخرى، فإن نمو العرض من خارج "أوبك" لعامي 2019 و 2020 سيتجاوز الطلب.
عدم اليقين الوحيد في تلك التوقعات هو التباطؤ المستمر في صناعة النفط الصخري في الولايات المتحدة. في هذا الصدد ذكرت نشرة «بلومبيرج» أن محدودية خطوط الأنابيب، وانخفاض إنتاجية الآبار التي تم حفرها بالقرب من بعضها بعضا، وانخفاض أسعار الغاز الطبيعي، وارتفاع تكاليف الأراضي، تضع جميعها ضغوطا على شركات النفط الصخري خصوصا في ولاية تكساس. النتائج المالية للشركات كانت سيئة، وكانت قاتمة إلى حد ما لبعض الوقت. على الرغم من الزيادات الهائلة في الإنتاج، "أو بسبب هذا النمو الاستثنائي"، فقد تكبدت شركات النفط في أمريكا الشمالية نحو 190 مليار دولار منذ عام 2012.
السؤال الملح الآن هو ما إذا كان معدل النمو الهائل قد بدأ في التباطؤ أم لا مع تردد المستثمرين في الاستثمار في هذه الصناعة. في الوقت الحالي، لا يوجد سوى دليل واحد على ذلك: مع تناقص عدد منصات الحفر يبدو أن وتيرة النمو في تراجع. في هذا الجانب ذكرت نشرة «بلومبيرج» أن عددا من شركات النفط الصخري قلصت بشكل كبير من توقعات نمو إنتاجها لأنها تبطئ وتيرة الحفر. يبقى أن نرى ما إذا كان إجمالي الإنتاج في الولايات المتحدة سيبدأ في الاستقرار. إذا حدث ذلك، فسيكون بمنزلة ارتياح كبير لـ"أوبك"، التي ستجد مهمة إعادة توازن الأسواق أسهل قليلا. خلاف ذلك، بحلول عام 2020، قد تضطر المنظمة إلى خفض الإنتاج بأكثر مما كانت قد خفضت بالفعل.

إنشرها