مخاطر الرأسمالية ومنافع العولمة

يرى البعض أن الرأسمالية معيبة بطبيعتها. وأنا لا أتفق مع هذا الرأي. فالرأسمالية تكافئ المخاطرة. وقد كانت هي القاطرة الدافعة لكثير من النجاح الذي حققناه. لكنه نظام لا يخلو من الشوائب التي تتطلب تصحيحا للمسار.
ويجب أن نثبت أن منافع العولمة تفوق تكاليفها، وأن الاندماج يمكن أن يساعد على معالجة تحدياتنا المشتركة. ولكن ما يحدث حاليا هو أننا نخسر حجية هذا الرأي في كثير من المجالات. ولذلك نحتاج إلى خريطة للطريق. فمن أين نبدأ؟
أولا، نستطيع استخدام سياسة المالية العامة للمساعدة في معالجة أوجه عدم المساواة. وقد كانت هذه السياسة جزءا من الأدوات الاقتصادية لسنوات عديدة، لكن الصندوق وضع أخيرا إطارا للإنفاق الاجتماعي من أجل مساعدة بلداننا الأعضاء في السنوات القادمة. وبينما نساعد البلدان على تدبير الإيرادات اللازمة لسد احتياجات الإنفاق في المستقبل، فمن الضروري ضمان العدالة وإرساء بيئة تحقق تكافؤ الفرص. ويعني هذا في مجال الضرائب على الشركات العالمية، أن علينا سد الثغرات، وإيقاف تحويل الأرباح، وتجنب الدخول في سباق نحو أدنى المعدلات. وهناك نقطة مرتبطة بهذه المسألة، وهي أن علينا مكافحة التدفقات المالية غير المشروعة وغسل الأموال؛ لأن الفساد يقوض الثقة في كل جوانب المجتمع. كما أن مسألة أخرى تكتسب أولوية قصوى، وهي تحديث نظام التجارة الدولي، بما في ذلك الخدمات والتجارة الإلكترونية. وسيساعد هذا على الحد من التوترات التجارية التي تهدد بإضعاف النمو العالمي. وبالنسبة للنمو العالمي، ينبغي لكل بلد أن يعمل على تمكين المرأة. ففي فترة بريتون وودز، كان دور النساء مقصورا على أعمال السكرتارية. وقد تغير الكثير منذ ذلك الحين، حمدا لله. لكن نحو 90 في المائة من البلدان لا تزال لديها حواجز قانونية أمام مشاركة النساء في النشاط الاقتصادي. إن إدراك الإمكانات الهائلة لدى النساء مسألة بدهية من المنظور الاقتصادي، ويجب أن تكون هذه القضية من الأولويات.
ونحتاج إلى إيجاد مزيد من التمويل لمساعدة البلدان النامية على تحقيق أهدافها للتنمية المستدامة مع حلول عام 2030، عن طريق بناء القدرات وغيره من السبل. وأخيرا – وليس آخرا بالتأكيد – يجب علينا التحرك بسرعة لمواجهة تغير المناخ. فتغير المناخ واحد من أكبر تحديات هذا القرن – وهو ما تم الإقرار به في هذه المدينة عام 2015.
وأن عواقب عدم التحرك ستكون وخيمة على الاقتصاد ولهذا نعمل على المشاركة بشكل متزايد في جهود بلداننا الأعضاء من أجل تخفيف آثار تغير المناخ والتكيف معها، ونقدم لها المشورة بشأن دعم الطاقة وتسعير الكربون. كذلك نساعد البلدان الأعضاء على تعزيز صلابتها في مواجهة الكوارث الطبيعية. لعل بعض هذه الأمور كان سيثير دهشة اللورد كينز، لكنني أعتقد أنه كان سيسعد بدور الصندوق كمؤسسة تقوم بحل المشكلات من منظور استشرافي.
لقد وعدتكم بأن أحاول الاحتذاء بلاجارد. وتكريما لضيوفنا، سأقتبس من ألكسندر دوما الذي كتب يقول: "كل الحكمة الإنسانية تضمها كلمتان – الانتظار والأمل". وفي لحظة بريتون وودز هذه، اسمحوا لي أن أقترح تعديلا طفيفا:
نعم للأمل، ولكن هذا الوقت ليس وقت انتظار. ففي السنوات المقبلة، يجب علينا جميعا أن نعمل – وأن نعمل معا - ملتزمين بقيم مؤسسينا الأوائل مع السعي لتحقيق أهداف الاستقرار والرخاء والسلام.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي