الفوائد الاقتصادية من المشاركة النسائية «2 من 3»

المكاسب التي تحققت بشق الأنفس من سياسات زيادة النساء في العمالة مدفوعة الأجر، وسد فجوات الأجور، قد تتآكل سريعا، إذا ما زاد تمثيل المرأة أكثر من الطبيعي في الوظائف الأكثر تعرضا لمخاطر الأتمتة. وفي الواقع، وجدت الدراسة أن النساء يؤدين مهامَّ روتينية أكثر من الرجال في جميع القطاعات والمهن، وإن كان هناك اختلاف كبير بين البلدان في هذا الصدد.
وخطر الإحلال مرتفع بشكل خاص للنساء الأقل تعليما، اللاتي يبلغن من العمر 40 عاما فما فوق، وأولئك اللاتي يعملن في وظائف منخفضة المهارات في مجال الأعمال المكتبية والمبيعات. وفي الوقت نفسه، فإن المرأة في مختلف القطاعات والمهن ممثلة تمثيلا غير كاف في المناصب المهنية والإدارية التي هي أقل عرضة للإحلال بسبب التكنولوجيا. وعالميا، تشغل المرأة أقل من 20 في المائة من مقاعد مجلس الإدارة في المصارف وهيئات الإشراف المصرفي "دراسة Sahay and ihák 2018" وتمثل أقل من 2 في المائة من المديرين التنفيذيين للمصارف. أما في قطاع التكنولوجيا سريع النمو، فإن احتمالية تقلد النساء لوظائف المديرين والمهنيين تقل بنسبة 15 في المائة مقارنة بالرجال، بينما تزيد احتمالية شغلهن لوظائف الكتبة وعمال الخدمات بنسبة 19 في المائة.
وبالنظر إلى الوضع الحالي للتكنولوجيا، تشير تقديرات الدراسة إلى أن 26 مليون وظيفة نسائية في 30 بلدا "28 بلدا في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي إضافة إلى قبرص وسنغافورة" معرضة بنسبة تزيد على 70 في المائة لمخاطر إحلالها بالتكنولوجيا في غضون عقدين. وعلى المستوى العالمي، يشير هذا إلى أن 180 مليون وظيفة نسائية معرضة للخطر. وبينما يتعرض عدد أكبر من الرجال، مقارنة بالنساء لخطر الإحلال بسبب الأتمتة، فإن عدد الوظائف النسائية التي فقدت يمثل نسبة أكبر من القوى العاملة النسائية.
فما الذي يمكن عمله؟ بما أن عدم المساواة بين الجنسين له وجوه عديدة للغاية، فلا يوجد علاج وحيد، وسيختلف نهج السياسات الأفضل بين البلدان حسب مستوى التنمية الاقتصادية، والفجوات القائمة بين الجنسين، والسرعة التي تؤثر بها التكنولوجيا الجديدة في الاقتصاد. ويمكن تسليط الضوء على ثلاثة مجالات عريضة:
أولا، سياسات إشراك مزيد من النساء في القوى العاملة: لقد ثبت أن هناك مجموعة من أدوات السياسات المؤسسية والقانونية والتنظيمية والمالية العامة التي من شأنها تعزيز مشاركة المرأة في القوى العاملة. وفي حين لا يوجد حل واحد يناسب الجميع، ينبغي للسياسات أن تسعى إلى تعزيز الفرص وإزالة المعوقات. وتعد السياسات والبنية التحتية التي تجعل من السهل على النساء التوفيق بين العمل والحياة الأسرية فعالة بصفة خاصة. ينبغي أن تعمل اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية على:
- الاستثمار في البنية التحتية؛ ففي المناطق الريفية في جنوب إفريقيا، على سبيل المثال، أدى الإمداد بالكهرباء إلى زيادة مشاركة الإناث في القوى العاملة بنسبة 9 في المائة. وفي الهند، أدى بناء مرافق صحية مناسبة إلى تضييق الفجوات بين الجنسين في التعليم وفي مشاركة المرأة في القوى العاملة. وأدخلت المكسيك حافلات عامة للنساء فقط لضمان قدرتهن على الانتقال بأمان.
- دعم رائدات الأعمال من خلال زيادة إمكانية حصولهن على التمويل؛ فغالبا ما تواجه النساء متطلبات ضمانات أكثر تقييدا وفترات أقصر لاستحقاق القروض، وأسعار فائدة أعلى من الرجال، وقد ساعدت مبادرات مثل برنامج تمويل رائدات الأعمال في ماليزيا وحسابات الودائع المبسطة في شيلي على سد الفجوة بين الجنسين في أسعار فائدة الاقتراض.
- تعزيز المساواة في الحقوق للنساء؛ وتشمل التدابير معالجة القوانين التي تنظم حقوق الميراث والملكية، وقد عدّلت ماوي وناميبيا وبيرو أطرها القانونية للحد من التمييز بين الجنسين؛ وفي العقد الذي تلا ذلك، ارتفعت معدلات مشاركة المرأة في القوى العاملة بشكل كبير في جميع البلدان الثلاثة.
وينبغي أن تعمل الاقتصادات المتقدمة على:
- الضغط لزيادة المساواة في إجازة الأمومة وإجازة الأبوة؛ ففي السويد، ساعد ذلك الأمهات على العودة إلى العمل بسرعة أكبر وعلى تغيير المعايير الاجتماعية السائدة بشأن النوع عند النظر في مسألة الرعاية الوالدية. - تعزيز فرص الحصول إلى رعاية الأطفال عالية الجودة وبتكلفة معقولة؛ ومن الأمثلة على ذلك اليابان التي زادت
من استحقاقات إجازة رعاية الطفل من 50 في المائة إلى 67 في المائة من الراتب. وتشير البحوث إلى أن خفض تكلفة رعاية الطفل بمقدار النصف قد يزيد من عدد الأمهات الشابات في سوق العمل بنسبة 10 في المائة. وهناك أيضا أدلة كثيرة على أن النساء أكثر استجابة لسياسات ضريبية بعينها من الرجال، ومنها السياسات التي لا تعاقب المعيل الثانوي.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي