وزارة العمل وتطوير الهيكل التنظيمي

مازلت أعتقد أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تعاني تضخما هيكليا أسهم في تشتت عملياتها الإدارية وازدواجية قراراتها وتضخم الهدر المالي والبشري، وربما يحتاج هذا إلى إعادة النظر في أداء الوزارة ومراجعة عملياتها لتكون أكثر رشاقة وقدرة على التحرر من التضخم الهيكلي والبيروقراطي.
ولو ألقينا نظرة على أجهزة الوزارة سنجد أن خمسة أجهزة مالية تحت إدارة وإشراف وزير العمل، هي بنك التنمية، وصندوق الموارد البشرية، والصندوق الخيري الوطني، والضمان الاجتماعي، والبرنامج الوطني لإعانة العاطلين عن العمل "حافز"، وكلها تعمل من أجل هدف واحد هو التنمية البشرية والاستثمار في الإنسان، وإن اختلفت الأساليب وتنوعت الشرائح المستهدفة، لكن المتفق عليه إجمالا أن الأجهزة الخمسة رغم ما توافر لها من إمكانات ما زال أداؤها أقل من الطموحات خلال الفترة الماضية، ونالت نقدا واسعا في مجمل عملياتها.
فصندوق الموارد الذي تجاوزت ميزانيته 15 مليار ريال وتركز نشاطه في دعم برامج التدريب والتأهيل، يعاني ضعف الكفاءات، وسوء الإنفاق، والتضارب في الخطط والاستراتيجيات، فيما يعاني الضمان الاجتماعي الذي تتجاوز مخصصاته 27 مليارا "البيروقراطية" واقتصار دوره على الصرف الشهري دون تقديم برامج هادفة تمكن المحتاج من مساعدة نفسه، فيما يشكو "بنك التنمية الاجتماعية" الذي تقارب ميزانيته 15 مليارا ضغط الطلب على القروض الاجتماعية على حساب جوانب تنموية أخرى في دعم المشاريع الصغيرة، إضافة إلى معاناة البنك في التوسع واستقطاب الكفاءات ومحدودية الإيرادات.
أما الصندوق الخيري الوطني،فقد تم دمجه في بنك التنمية الاجتماعي بقرار من مجلس الوزراء.
ومن وجهة نظري أن ذلك يتطلب إعادة صياغة وهيكلة هذه الأجهزة لتحقق مفهوم التنمية الاجتماعي ودمجها من خلال خطوتين.
الأولى، فصل الضمان الاجتماعي وتحويله إلى مؤسسة عامة قادرة على العمل بمرونة وتحرر من الإرث "البيروقراطي" وصلاحيات أوسع وآفاق أرحب للعمل الاجتماعي إذا استطاعت استثمار أموالها بشكل احترافي.
والخطوة الثانية، دمج أجهزة صندوق الموارد، وبرنامج "حافز"، ضمن جهاز مؤسسي واحد هو «بنك التنمية الاجتماعي» كالذي حصل للبرنامج الخيري الوطني.ليكون هذا مواكبا لـ"رؤية المملكة الجديدة 2030" ومحققا لأهداف دمج الوزارتين بتعزيز الاستثمار الاقتصادي والبشري.
قد يكون هذا الدمج حلا فعالا لتوحيد الرؤية لدى البنك الجديد ورافدا تنمويا فعالا في استثمار الميزانيات المدمجة للأجهزة الأربعة، مع الأخذ في الحسبان تعزيز الجوانب المهنية في البنك ليعمل وفق روح السوق المصرفية في تنمية رأسماله وإعادة استثماره لمصلحة واستقطاب أفضل الكفاءات الاقتصادية والمصرفية القادرة على تطوير الأداء التنموي والعمل بسرعة ومرونة، وجودة وشفافية.
وأرى أن توافر المال ورفع ميزانية البنك واستقطاب الكفاءات البشرية، ستكون نقلة نوعية لمستقبل البنك والعمل الاجتماعي، وتوحيدا للرؤى والجهود ومزيدا من الإبداع للعمل النوعي.

المزيد من الرأي