صلابة ميزانية الحكومة الصينية
تتمتع الصين بقدر ضخم من الأصول الحكومية، وهو انعكاس لاستثماراتها الكبيرة في البنية التحتية على مدار سنوات طويلة. ويفوق حجم هذه الأصول الحكومية حجم خصومها، ما يجعل صافي ثروتها؛ أي الفرق بين الأصول والخصوم، أعلى بكثير من 100 في المائة من إجمالي الناتج المحلي، وهو الأعلى بين الاقتصادات الصاعدة.
ويمثل صافي الثروة هذا هامش أمان كبير لدى مقارنته بمجموع ديون الشركات العامة، ولا سيما إذا أخذنا في الحسبان أن الشركات العامة لديها أصول أيضا. ومن هذا المنطلق، على الرغم من ضخامة المخاطر المرتبطة بالدين في الصين، فإن هناك هوامش أمان أيضا. وإضافة إلى ذلك، تعكف الحكومة حاليا على اتخاذ خطوات لاحتواء المخاطر، عن طريق كبح الاقتراض خارج الموازنة، وتعزيز أعمال الرقابة، الأمر الذي يترتب عليه تباطؤ مراكمة الديون.
غير أن معظم أصول الحكومة في الصين أصول غير مالية، كالمباني والطرق وخطوط السكك الحديدية. وبينما يمكنها توليد الإيرادات من خلال الرسوم والإيجارات، فإنها ليست متاحة بسهولة لتغطية احتياجات السيولة. كذلك، تكتنف أجواء عدم اليقين في عملية تقييم هذه الأصول. ومع عدم توافر التقديرات الرسمية، فإننا نستخدم التقديرات المتاحة من قاعدة بياناتنا للأرصدة الرأسمالية. أما صافي الثروة المالية، المستبعدة منه هذه الأصول غير المالية، فهو أقل من ذلك كثيرا. لكنه لا يزال على الجانب الموجب، وأعلى من المتوسط في الاقتصادات الصاعدة، رغم تراجعه في السنوات الأخيرة، ما يرجع في المقام الأول إلى التطورات على مستوى الحكومات دون القومية.
تعزيز الصلابة
بوجه أعم، يبين بحثنا أن أصول القطاع العام يمكن أن تعمل كاحتياطي وقائي، ما يجعل الحكومات ذات المستويات العالية من الثروة العامة مؤهلة لتجاوز فترات الركود على نحو أفضل من الحكومات ذات المستويات المنخفضة من الثروة العامة. والميزانيات العمومية القوية؛ أي بيان بما يمتلكه المرء وما يدين به عند نقطة زمنية محددة، تسمح للحكومات بإعطاء دفعة لنفقاتها في فترات الهبوط الاقتصادي.
وهذا ما يمكن أن يخفف من وطأة الصدمة، وتترتب عليه فترات ركود أقصر وأخف وطأة. ولننظر إلى حالة كازاخستان في 2014، عندما تعرضت لانخفاض أسعار النفط إلى النصف، وهبوط في الطلب الخارجي. وقد تحركت الحكومة لمواجهة هذا الأمر باستخدام جانب من أصولها المالية في "الصندوق الوطني"؛ للتخفيف من حدة هذا الهبوط الاقتصادي.
في متناول الجميع
بإمكان كل الحكومات تحسين إدارة مواردها. وينبغي أن تبدأ بتجميع البيانات المتاحة حتى تتمكن من وضع تقدير مبدئي لحجم الأصول والخصوم والثروة في القطاع العام. وبمرور الوقت، يمكن زيادة دقة هذه التقديرات، من خلال تحسين مجموعات الحسابات والإحصاءات. وبإمكان الحكومات استخدام هذه المجموعات في إعداد تحليلات أساسية لمخاطر وسياسات الميزانيات العمومية، باستخدام الإطار المتاح في التقرير.
ولدى استكمال هذه العملية سيكون بإمكان الحكومات إطلاع مواطنيها على الصورة الكاملة لممتلكاتها وديونها، واستخدام الثروة العامة بصورة أفضل لتحقيق أهداف مجتمعاتها الاقتصادية والاجتماعية.