ميزان المخاطر يرجح كفة التطورات «1 من 2»

تظل التنبؤات الأساسية للنمو العالمي دون تغيير يذكر، لكن ميزان المخاطر تحول إلى الجانب السلبي على المدى القصير، ولا يزال يرجح كفة التطورات السلبية على المدى المتوسط، كما ورد في عدد نيسان (أبريل) 2018 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. وقد توارت - إلى حد ما - إمكانية تحقيق نمو أقوى مما ورد في التنبؤات؛ نظرا لضعف النتائج في الربع الأول من العام في عدة اقتصادات كبرى، وتراجع المؤشرات الاقتصادية عالية التوتر، وتضييق الأوضاع المالية في بعض الاقتصادات المعرضة للمخاطر. ومن ناحية أخرى، أصبحت مخاطر التطورات السلبية أكثر بروزا، ولا سيما احتمالات تصاعد واستمرار الإجراءات التجارية وتضييق الأوضاع المالية العالمية.

التوترات المالية
جاءت نوبات التقلب الأخيرة لتسلط الضوء على إمكانية حدوث تحولات مفاجئة في الأوضاع المالية العالمية؛ بسبب إعادة تقييم الأسواق للأساسيات الاقتصادية والمخاطر القائمة، بما في ذلك تغير التوقعات بشأن السياسة النقدية أو آثار احتدام التوترات التجارية، والزيادات المفاجئة في علاوات المخاطر أو علاوات الاستثمار طويل الأجل، وزيادة عدم اليقين السياسي. وكما طُرح للنقاش في عدد نيسان (أبريل) 2018 من تقرير آفاق الاقتصاد العالمي وتقرير الاستقرار المالي العالمي، يمكن أن تؤدي بوادر ارتفاع التضخم عن المستوى المتوقع في الولايات المتحدة إلى تحول توقعات الأسواق بحدوث ارتفاعات كبيرة في أسعار الفائدة الأمريكية، التي وصلت الآن إلى مستوى أقل من التنبؤات الأساسية في تقرير آفاق الاقتصاد العالمي. وإذا حدث تدهور مفاجئ في درجة الإقبال على تحمل المخاطر، يمكن أن تحدث تعديلات مربكة في المحافظ الاستثمارية، ويصبح خروج التدفقات الرأسمالية من الأسواق الصاعدة أكثر سرعة وأوسع نطاقا، ويحدث ارتفاع أكبر في سعر الدولار الأمريكي، ما يفرض ضغوطا على الاقتصادات شديدة الاعتماد على الرفع المالي، أو التي تطبق أسعار صرف ثابتة، أو التي تعاني عدم الاتساق في ميزانياتها العمومية. وفي بعض بلدان منطقة اليورو، يمكن أن تؤدي سلبية السياسات والصدمات السياسية على المستوى الوطني إلى توسيع فروق العائد على السندات السيادية، وتفاقم ديناميكية الدين العام، وضعف الميزانيات العمومية المصرفية. وفي الصين، حيث تتخذ السلطات خطوات تستحق الترحيب لإبطاء نمو الائتمان، يمكن أن تسفر الإجراءات التنظيمية غير المنسقة في القطاع المالي وعلى مستوى الحكومات المحلية عن عواقب غير مقصودة، تتسبب في إعادة تسعير الأصول المالية بصورة غير منظمة، وزيادة مخاطر تمديد الدين، وتؤدي إلى آثار أكثر سلبية من المتوقع على النشاط الاقتصادي.

التوترات التجارية
الآفاق ملبدة أيضا بغيوم التوترات التجارية الراهنة وانحسار الدعم للاندماج الاقتصادي العالمي في بعض الاقتصادات المتقدمة. ففي الأشهر القليلة الماضية، فرضت الولايات المتحدة رسوما جمركية على مجموعة متنوعة من الواردات، ما حفز على اتخاذ إجراءات انتقامية مقابلة من جانب شركائها التجاريين. وفي الوقت نفسه، تجري إعادة التفاوض على اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية "نافتا"، والترتيبات الاقتصادية بين المملكة المتحدة وبقية بلدان الاتحاد الأوروبي. ويمكن أن يؤدي تصاعد التوترات التجارية إلى إضعاف المزاج السائد في مجال الأعمال والأسواق المالية، ما يؤثر في الاستثمار والتجارة. وبخلاف الآثار السلبية المباشرة على مزاج السوق، فإن انتشار الإجراءات التجارية يمكن أن يزيد من عدم اليقين بشأن النطاق الذي يحتمل أن تغطيه الإجراءات التجارية، ومن ثم يعوق الاستثمار، بينما يمكن أن تؤدي زيادة الحواجز التجارية إلى جعل أسعار السلع التجارية في غير المتناول، وإرباك سلاسل العرض العالمية، وإبطاء انتشار التكنولوجيات الجديدة، ومن ثم تخفيض الإنتاجية.

العوامل غير الاقتصادية
يمكن أن يتراجع الاستثمار الخاص ويضعف النشاط الاقتصادي؛ بسبب عدم اليقين السياسي، بما في ذلك ما يتعلق بالانتخابات المقبلة أو عواقبها المباشرة في عدة بلدان؛ لأنه يزيد من احتمالات البطء في تنفيذ الإصلاحات أو احتمالات إجراء تغييرات كبيرة في أهداف السياسة. ففي أوروبا، أدى البيع البخس للسندات الإيطالية أواخر أيار (مايو) الماضي إلى تسليط الضوء من جديد على التحديات الهيكلية العميقة، وهوامش الأمان الضئيلة على المستوى الوطني، ما يشكل مخاطر كبيرة على الآفاق المتوقعة. وتفرض المخاطر الجغرافية - السياسية والصراعات الداخلية عبئا ثقيلا على الآفاق المتوقعة في عدة اقتصادات، خاصة في الشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء. وإضافة إلى ذلك، لا تزال بلدان كثيرة معرضة للتكاليف الاقتصادية والإنسانية الناجمة عن الظواهر الجوية الخارجة عن العادة، والكوارث الطبيعية الأخرى، التي يمكن أن تكون لها تداعيات كبيرة عابرة للحدود عن طريق تدفقات المهاجرين...يتبع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي