منع الجداريات
يلاحظ زائرو كثير من مدن العالم الكبرى أن البلديات تتبنى الفنانين وتسمح لهم بممارسة هواياتهم بالرسم على الحوائط بشكل منظم وموزع حول أنحاء المدينة. بل إن بعض المدن كونت ملامح خاصة لكل حي من الأحياء ونمطية معينة يسهم في ترسيخها الفن الذي تشجعه البلدية في الحي. دفعت هذه الوسيلة بالفن إلى الأمام، وأسهمت المسابقات التي تنفذ لاختيار الرسامين الذين يحق لهم أن يصوروا فنهم على حوائط المدينة في إبراز كثير من المغمورين ليصبحوا على لسان كل من يشاهد العمل الفني الذي يبرز شخصياتهم واحترافيتهم.
أظن أن أبها كانت السباقة لنشر فن الجداريات في المملكة، كيف لا وهي كانت تحت رعاية فنان وشاعر محب وداعم لكل أنواع الفنون. بل إن الفنان "البشري" الذي نفذ كثيرا من الجداريات في المدينة اشتهر اسمه الذي يوقع به لوحاته أكثر من شهرة بعض الشوارع التي يحتلها. لا تزال لوحات الفنانين تنتشر في المدينة، ولا تزال أبها تنافس وتبدع في استقطاب الفن بكل أنواعه، لأنها أعطت الفنانين ما لم يجدوه في غيرها.
نأتي إلى بقية المدن التي ما زالت جهودها دون مستوى الطموح في تشجيع هذا الفن العالمي، وهي التي تقع اليوم تحت سيطرة من يسيئون لمنظر المدنية بالرسومات والعبارات التي لا يمكن أن تقبل بها أي بلدية في موقع عام يحضره الجميع ويشاهده السكان والزوار. من أهم هذه المدن العاصمة التي كانت لها تجارب سابقة مع الجداريات، ولكنها لم تعطها ما تستحق من الاهتمام. الرياض وهي تحتوي بين جنباتها على كم هائل من التراث والثقافة، لا يمكن إلا أن تكون من السباقين في المجال، حيث إن الاهتمام اليوم بحماية التراث وتعزيز الهوية الوطنية أساسان مهمان لكل المملكة.
في الرياض تم البدء في مشروع جميل أعجب كثيرين، وعارضه البعض مثله مثل أي مجهود بشري آخر. السماح للفنانين بالتعبير على جدار مستعار في طريق التحلية، كان بداية جميلة حملت معها الأمل أن يتحول الشارع إلى شارع فن آخر، لكنه فقد الاتجاه عندما قررت البلدية أن تنهي هذه الفكرة دون أن توضح سببا أو توجها مستقبليا لها بخصوص الأمر.
أعتقد أن التغيير كان بسبب الرغبة في تطوير العمل وإعادة تنظيمه، لكن الأمانة لم تؤكد أو تنفي ذلك.