الأعمال التجارية والشراكة مع المنظمات غير الحكومية «2 من 2»

العلاقة بين المنظمات الحكومية وغير الحكومية من جهة، والكنيسة من جهة أخرى، تتغير بشكل متسارع، حيث أصبحت الخدمات اللوجستية أكثر تطورا وبتقنيات عالية. وفيما تتبرع شركات خاصة عديدة بالأموال والخبرة، فإن شركات أخرى تبيع المعدات التقنية والخدمات الاستشارية. عمال الإغاثة الآن مجهزون بأحدث هواتف الأقمار الصناعية وأجهزة الكمبيوتر المحمولة وأجهزة تتبع السيارات، إضافة إلى برمجيات صور الأقمار الصناعية والخدمات اللوجستية.
بعد وقت قصير من كارثة تسونامي عام 2004، أطلقت منظمة أوكسفام الدولية، بالتعاون مع منظمات إغاثية أخرى، مبادرة برمجيات، تُسمى مشروع هيليوس، وتهدف إلى تحسين إدارة سلسلة الإمداد. ووفقا للويس بلوم، مدير مشروع الإمداد والخدمات اللوجستية الدولي في منظمة أوكسفام، فإن "المشروع جاء نتيجة لكارثة تسونامي، حيث لم يكن هناك كثير من التنسيق، ولا رؤيا واضحة حول ما توفر من المؤن والمواد والأغذية لدى مختلف المنظمات غير الحكومية." يُذكر أن مشروع هيليوس يُتيح للمنظمات غير الحكومية تَتبُع التبرعات في سلسلة الإمداد بأكملها.
تقوم وسائط الإعلام الاجتماعية بالتحول إلى جمع التبرعات والبحث عن الأحباء بعد كل كارثة طبيعية، حيث توجد معظم الشركات الكبيرة والمنظمات غير الحكومية على "فيسبوك" و"تويتر" لربط الأصدقاء، ونشر أنشطتها، وربط الجهات المانحة مع بعضها بعضا. يقول بلوم من منظمة أوكسفام في هذا الصدد: "نستخدم وسائط الإعلام الاجتماعية للبقاء على اتصال مع من يدعمنا، وإنشاء حملاتنا –إنشاء شبكاتنا– هكذا."
وتعمل خدمة "جوجل" على "البحث عن المفقودين" أيضا على جمع الأحبة بعضهم بعضا بعد أي كارثة طبيعية، وقد أُطلقت هذه الخدمة بعد زلزال هاييتي عام 2010 ، وهذه الخدمة متاحة الآن كإحدى التطبيقات على أجهزة الهاتف المحمول.

التدريب المتقدم والتأهيل
يفرض تكامل الخدمات بين شركات القطاع الخاص والمنظمات غير الحكومية والأكاديميين مطلبا جديدا، ألا وهو التدريب على المهارات. يُريد المجتمع الإنساني العالمي من كل شخص أن يتكلم من نفس الصفحة، ففي أعقاب تسونامي المحيط الهندي، حيث قامت جمعية الإمداد الإنسانية، ومبادرة التدريب الإنسانية، ومنظمات غير حكومية، بإقامة دورات تدريبية أساسية، وعلى المستوى الإداري لسلسلة الإمداد والإغاثة، وتُقدم مبادرة التدريب الإنسانية برامج تدريبية حسب الطلب، وتعتمد على خبرة عمال الإغاثة المتمرسين وأساتذة الجامعات، ويجري كثير من التدريب بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية، ويحاكي ظروف العمل في النزاعات العسكرية والكوارث الطبيعية.
تُفيد تقارير معهد فرتز بأن المعهد قد درب أكثر من 1000 طالب في دورة الخدمات اللوجستية الأساسية في السنوات الخمس الأولى من العمل، وهنالك طلاب جاؤوا من نحو 200 منظمة، بما فيها اليونيسيف، وبرنامج الأغذية العالمي، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، وأكسفام بريطانيا، ومفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، ومنظمة أطباء بلا حدود، وخدمات الإغاثة الكاثوليكية.
يتوافر لدى خدمة الطرود المتحدة ودي إتش إل وشركات أخرى برامج تدريبية وتأهيلية تلتزم بالمعايير الدولية.

نحو عالم أفضل
إذاً، هل يتهاوى هذا الكوكب؟ ففي حين يرجع كثير من هذا التصور إلى الإفراط في التغطية الإخبارية ووسائط الإعلام الاجتماعية، تشير الإحصاءات إلى أن الذين يلقون حتفهم فعلا في الكوارث الطبيعية الآن، هم أكثر عددا من أولئك الذي ماتوا لنفس السبب قبل قرن من الزمن.
تقول بريجيت ستالدر أولسن، مديرة الخدمات اللوجستية في الصليب الأحمر: "هناك مزيد ومزيد من الكوارث، لكنها على نطاق أقل من ذي قبل". وتذكر ستالدر أولسن أن الحضارة مترامية الأطراف، والاكتظاظ السكاني في المناطق المعرضة للمخاطر العالية، هما من الأسباب التي تؤدي إلى ارتفاع عدد الوفيات الناجمة عن الكوارث. للصليب الأحمر 70 فريقا في إفريقيا يستجيبون لكوارث مختلفة. "عندما يكون هناك نداء للمساعدة الدولية، فلا مجال لنا أن نقول "يجب علينا، أو لا يجب علينا"، كل ما علينا أن نقوله، وفقا لستالدر، هو "علينا أن نفعل، وها نحن نفعل".
من المتوقع أن يعمل ارتفاع تكاليف المواد الغذائية وتغير المناخ على زيادة التوتر في مناطق عديدة من العالم في المستقبل. وعلى الرغم من هذا التوجه السلبي، إلا أن مجتمع الإغاثة لا يستسلم، وفي الحقيقة، فقد ازداد عدد العاملين في القطاع الإنساني الآن إلى ما يقرب من 60 ألفا، ويزداد بنسبة 6 في المائة سنويا، بحسب جمعية الإمداد الإنسانية، وعديد منهم متطوعون من عالم الأعمال.
يتطوع العاملون في "دي إتش إل" للخدمة في هذا المجال في أوقات فراغهم، بينما يقوم زملاؤهم في العمل بإعالة أسرهم في وطنهم. تقول سوزان ماير: إن ناقلة الطرود ملتزمة بالمسؤولية الاجتماعية للشركات: "لدينا بصمة عالمية، نحن شركة عالمية، ولهذا، فنحن نريد أن نفعل ذلك على نطاق عالمي."
تتبرع خدمة الطرود المتحدة بمبلغ 100 مليون دولار أمريكي للمنظمات الخيرية سنويا، وتستخدم أسطولها الدولي من الطائرات والشاحنات والمخازن لتوفير المساعدات الطارئة. يقول إدوارد مارتينيز في معرض حديثه لمجلة إنسياد للمعرفة: "إن ذلك جزء من قيمنا المؤسسية ... عليك أن ترد الجميل للمجتمع، وعليك أن تنخرط في المجتمع".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي