حتى في عالم النفط «الثقل صنعة»

هناك مثل دارج وهو "الثقل صنعة" ومن معاني "الصنعة" التكلف وزيادة المشقة للوصول إلى أمر ما. ولا شك أن عملية استخراج النفط تكتنفها المشقة وبخاصة النفط الثقيل، فاستخراجه من مكامنه يتطلب مشقة بدنية ومالية عالية، كما تتطلبها عملية تكريره مقارنة بالنفط المتوسط والخفيف، ولذلك أجرينا عليه المثل السابق.
وأود أن أشير إلى أن النفط يُصنف حسب كثافته النوعية إلى نفط ثقيل جدا "أقل من 10"، وإلى نفط ثقيل "من 10 إلى21"، ونفط متوسط "من 22 إلى 30"، وأيضا نفط خفيف "من 31 إلى 40"، وأخيرا نفط خفيف جدا "أعلى من 40"، كما صنفه المعهد الأمريكي للنفط API. ويلزم هنا تعريف الكثافة النوعية للنفط أنها النسبة بين كثافته وكثافة الماء عند أربع درجات مئوية وتحت وحدة واحدة من الضغط الجوي، ولذلك نجد أنها غير متبوعة بوحدة الكثافة (كجم/ م٣).
يشكل النفط الخفيف "سهل الإنتاج" بأنواعه نسبة قدرها 70 في المائة من النفط الخام في المملكة، وتشمل النسبة المتبقية، كلا من النفط المتوسط والثقيل، وهي نسبة لا يستهان بها إذا أخذنا في الحسبان أن النفط، شئنا أم أبينا، مصدر للطاقة ناضب غير مستدام، وعليه ستنتهي مرحلة إنتاج النفط السهل يوما ما، ولن نجد حينها مناصا من إنتاج النفط الصعب سواء النفط الثقيل الذي تتربع منطقة الشرق الأوسط على هرمه حيث يقدر احتياطيها منه بنحو 78 مليار برميل تقريبا الذي يمكن إنتاجه، أو النفط الصخري الذي يوجد بوفرة عالية في كل من روسيا وأمريكا على التوالي، وأيضا الرمل النفطي الموجود في كندا.
من أهم حقول النفط الثقيل في دول الخليج العربي حقل "الوفرة" المشترك بين المملكة ودولة الكويت، ولهذا الحقل من اسمه نصيب من مخزون النفط الثقيل، وحقل "عوالي" في مملكة البحرين، وحقل "زاكوم" في الإمارات العربية، وفي سلطنة عمان نجد حقل "مخيزنة".
ونظرا للزوجة النفط الثقيل العالية، فإن استخراجه من مكامنه في باطن الأرض يتطلب بعض التدخلات والإجراءات لتخفيف لزوجته ليسهل استخراجه، وكلما قلت نفاذية صخور المكمن، ازدادت هذه العمليات تعقيدا وتكلفة. وهذه العمليات التحفيزية كثيرة نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر عملية المعالجة الحرارية.
إحدى عمليات المعالجة الحرارية ما يسمى بالتحفيز بالبخار، ويتم ذلك بحقن بئر الإنتاج بالبخار الساخن ما يساعد على تقليل لزوجة النفط في مكامنه ليسهل استخراجه، والتي ترفع كفاءة الإنتاج إلى سبعة أضعاف تقريبا كما أظهرت نتائج استخدامه في حقل الوفرة المشترك، ويتم في بعض الأوقات تسخين مادة "نافثا" وهي أحد المشتقات النفطية وحقنها في البئر للغرض نفسه.
هناك طريقة تحفيز أخرى يطلق عليها الإشباع بالبخار، وتختلف هذه الطريقة عن الطريقتين السابق ذكرهما من حيث الآلية والغرض، وذلك لأن الحقن بالبخار لا يتم في بئر الإنتاج الأساسية بل بحقنه في بئر موازية لها، والغرض من ذلك تخفيف لزوجة النفط الثقيل، إضافة إلى زيادة الضغط على المكمن للدفع بالنفط عبر لأنابيب الإنتاج في البئر الأساسية.
وتعد عملية "الحرق الموضعي" إحدى طرق المعالجة الحرارية، وتتلخص هذه العملية في ضخ بعض المواد الكيماوية بالقرب من المكمن عبر أنابيب بئر الإنتاج، ما يسبب تفاعلها الذي يؤدي إلى تسخين المكمن النفطي وتحفيز جريان هذا النفط الثقيل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي