مشروع البحر الأحمر .. أكثر من سياحي

أعلن قبل أيام إطلاق مشروع سياحي ضخم تحت مسمى مشروع "البحر الأحمر". المكان شمال غربي المملكة، حيث أحد المواقع الطبيعية الجميلة والمتنوعة على المستوى العالمي. وأعلن عن ترتيبات وتعاون لشركات عالمية في قطاع الضيافة والفندقة، لتطوير منتجعات سياحية استثنائية على أكثر من 50 جزيرة طبيعية بين مدينتي أملج والوجه، وذلك على بعد مسافات قليلة من محميات طبيعية ومواقع أثرية في المملكة. وأعلنت تفاصيل أخرى عن المشروع، لا أجد حاجة إلى تكرارها.
ما سأتحدث عنه في هذا المقال هو اقتراح الانتفاع بالمشروع وتطويره لخدمة التنمية الحضرية والصناعية بجانب الهدف المعلن، أعني السياحة وما يتعلق بها.
نعرف أن أكثر من نصف سكان المملكة يعيشون في مدن حارة كثيرا في الصيف، وهو صيف طويل. وفي الوقت نفسه، هي بعيدة عن السواحل أي أنها جافة. ومدينة الرياض مثال صريح.
لكن الله - سبحانه - حبا أجزاء كبيرة من بلادنا طبيعة أقل جفافا وأكثر جمالا، وأقل حرا صيفا. لكن أكثر هذه الأجزاء لا يقطنها إلا أقليلة صغيرة من السكان، فهي في حكم غير المعروفة ليس فقط للآخرين، بل حتى لأبناء البلاد.
نعرف أن درجة الحرارة العظمى في وسط وشرق المملكة كالرياض، مثلا، تراوح بين 45 و50 درجة هذه الأيام. والجو جاف في الداخل. لكنه يبدو أن كثيرين يجهلون أن جو أو طقس الجزء الشمالي من ساحل البحر الأحمر، مشابه إلى حد كبير لجو بلدان الشام، فدرجات الحرارة العظمى أقل من وسط وشرق المملكة بنحو عشر درجات مئوية في المتوسط. وهذه ميزة خلاف ميزات أخرى تعرف من قراءة خبر مشروع البحر الأحمر.
من جهة أخرى، من المتوقع أن يصل سكان المملكة عام 2050 نحو 70 مليونا. هذا النمو السكاني خلال العقود المقبلة يتطلب تفكيرا في تنمية حضرية خلاف ما تعودنا.
لا يحبذ نهائيا أن تتركز زيادة السكان في مدننا الكبرى حاليا، وبالأخص الرياض وجدة. فهاتان المدينتان تعانيان من زحام شديد وارتفاع أسعار عقار وغير ذلك من خصائص ومشكلات المدن الكبرى. وأرى أن أنسب استراتيجية لحل عدة مشكلات على رأسها تخفيف الضغط السكاني على هاتين المدينتين مستقبلا، هو عمل تطوير حضري لمنطقة مشروع البحر الأحمر، بما حباها الله من ميزات في الطقس والطبيعة والموقع. سيغري هذا التطوير ملايين للسكن هناك خلال العقود المقبلة.
نعرف أنه تقرر إنشاء هيئة ملكية لتطوير العلا. وهي محافظة في النصف تقريبا بين مدينتي المدينة وتبوك، في شمال غربي المدينة المنورة وتتبعها. ولعلها نقطة بداية للتطوير الحضري في تلك الأرجاء من بلادنا العزيزة.

وهنا نقاط في هذا التطوير الحضري:
1. تطوير بنية مواصلات ونقل عام ذات جودة عالية داخل المدن والمحافظات وبينها.
2. أهمية التنسيق والانسجام بين خطط المواصلات والنقل والتنقل وخطط استعمال الأراضي. وهذه النقطة موضع ضعف في مدننا الحالية.
3. تطوير ميناء بحري، ومدينة أو أكثر من مدينة صناعية وجعلها منطقة جذب للمستثمرين.
4. ينبغي تدارك العيوب أو المشكلات في تخطيط الشوارع وسلامة المشاة وتخطيط أنظمة البناء والمدن بصفة عامة حاليا. وبعض هذه العيوب أسهمت مع غيرها في ارتفاع أسعار العقار. باختصار، مطلوب حسن استخدام واستغلال الموارد ومنها الأرض. ومن المهم في التخطيط تفهم قدرات الناس الشرائية وتخطيط ما يساعد على توافر مساكن ضمن القدرة الشرائية، طبعا تحت سياسات تمويل مناسبة.
5. الاهتمام ببناء بنية تحتية لا تتطلب إعادة سفلتة وتعطيل وإرباك للشوارع.

باختصار
مطلوب في مشروع البحر الأحمر بناء وتطوير أماكن حضرية وصناعية مخططة جيدا، بما يراعي القدرات الشرائية والاحتياجات، وبما يجذب بعض سكان المملكة للإقامة أو الاستثمار فيها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي