امرأة استثنائية «2»
في مقالي السابق تحدثت عن البداية المتعثرة لامرأة استثنائية تكالبت ظروف الحياة عليها، واليوم أكمل لكم قصتها!
تقول صاحبتها: بعد خمس سنوات حدث التغير الأول في حياتي؛ إذ أصيب زوجي بتشنج حاد لم تنفع معه كل محاولات الأطباء فتوفي خلال أسبوع، واختلطت مشاعري فلم أعد أعرف هل أحزن على رحيله، أم أفرح لنهاية قصتي معه؟ وعرفت فيما بعد أن زوجي ورث عن والديه مبلغا كبيرا، وقد استماتت زوجة أبي لحرماني من الميراث، ونجحت في ذلك، فأصبحت مثل ذلك الفاشل الذي عاد "بخفي حنين"، أصبت بالاكتئاب الشديد وأنا أرى حياتي مثل "مسبحة" بيد أحدهم يهزها يمينا وشمالا. كانت أسوار السوداوية والفشل والحزن والإحباط ترتفع من حولي يوما بعد يوم حتى تكاد تخنقني، مرت سنة بائسة أخرى بعد وفاة زوجي، كانت فيها كل أحلامي بإكمال دراستي تتهاوى أمام ناظري، أصبحت مجرد خادمة لزوجة أبي وبناتها، إلى أن حدث التغير الرئيس في حياتي، إذ تقدم لخطبتي أرمل في الستين من عمره يفصل بيني وبينه 39 عاما، وسبعة من الأبناء أصغرهم في مثل عمري، رفضت وصرخت ولكن كما ذهب صدى صوتي أدراج الرياح في المرة السابقة هكذا حدث في الثانية. أمواله وعقاراته كانت الطعم الذي أسال لعاب أبي وزوجته، وتم زفافي إليه وكنت أشعر أني مثل نعجة تساق إلى المذبح. لم يلفت نظري فخامة منزله وأثاثه، وجمال اللوحات والإضاءات المذهبة، كنت أنصت لحظتها لضجيج الألم في داخلي، وحين أصبحت معه وحدنا في الغرفة تحدث معي بحنان بالغ فشعرت بدموعي تتدافع سراعا، ولأول مرة في حياتي يحتضنني أحد بمثل هذا الحب والرفق والصدق، عرفت منه أنه ظل وفيا لزوجته طوال فترة مرضها التي امتدت لعشر سنوات. أحببته من قلبي وأحببت أبناءه وأحبوني وكأني أخت لهم. معه أكملت تعليمي الثانوي والجامعي والماجستير والدكتوراه، وأنجبت منه ثلاثة أبناء، وقبل أن يرحل عن عالمنا بعد 17 عاما من زواجنا طلب مني أن أعده أن أكون قوية ولا تكسرني الظروف والأيام. وفيت بوعدي له وطاردت أحلامي ولم أعد تلك اليتيمة المستضعفة، افتتحت مشروعي التعليمي الخاص ونجحت نجاحا باهرا والآن أبناء زوجي وأبنائي هم الثروة الحقيقية لي، لقد عوضني الله خيرا.
وخزة:
في تلك اللحظة التي نعتقد فيها أن كل الأبواب قد أغلقت والفرص قد تلاشت، سيغشى أرواحنا الفرح وستنبت زهور السعادة في حقول اعتقدنا أنها أصبحت قاحلة!
فقط أحسنوا الظن بربكم!