الطلب على الطاقة ظل منخفضا في عام 2016

تُظهر طبعة عام 2017 من نشرة «بريتيش بتروليوم» الإحصائية للطاقة العالمية التي نُشرت الشهر الماضي أن أسواق الطاقة العالمية لا تزال تشهد تغيرات طويلة الأجل وتكيفت أيضا مع تحديات الأسعار على المدى القريب.
حيث تُظهر البيانات المنشورة في الطبعة السنوية رقم 66 بوضوح التحولات الطويلة الأجل الجارية حاليا في الأسواق بما فيها التحول إلى تباطؤ النمو في الطلب العالمي على الطاقة، تحرك الطلب بقوة نحو الاقتصادات النامية السريعة النمو في آسيا، وتحول الأسواق نحو الوقود المنخفض الكربون مع استمرار نمو الطاقة المتجددة بقوة وانخفاض استخدام الفحم. لقد استحوذت الصين والهند تقريبا على كل النمو في الطلب، في حين كانت الانبعاثات العالمية ثابتة للسنة الثانية على التوالي، وفقا لما ذكرته نشرة «بريتيش بتروليوم».
في الوقت نفسه، تظهر النشرة تكيف أسواق الطاقة بشكل فعال مع التحديات قريبة الأمد، مع تكيف أسواق النفط بشكل خاص في عام 2016 مع العرض المفرط الذي سيطر على الأسواق في السنوات الأخيرة. ووجدت الشركة أنه في الوقت الذي نما فيه استهلاك الطاقة بنسبة 1 في المائة فقط ـــ مقارنة بمتوسط نمو السنوات العشر البالغ 1.8 في المائة ـــ كان هذا النمو مدعوما بشكل كامل تقريبا من قبل البلدان النامية، خاصة الهند والصين. وقالت "بريتيش بتروليوم" إن معدل الطلب المنخفض نسبيا يمكن تفسيره جزئيا بسبب ضعف النمو الاقتصادي في الصين العام الماضي خاصة تباطؤ صناعات الحديد والصلب والأسمنت. هذا وقد نما الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 3 في المائة فقط، وهو أبطأ معدل له منذ عام 2002.
وفي عام 2016، تجاوزت الصين الولايات المتحدة باعتبارها أكبر منتج للطاقة المتجددة في العالم. في هذا الصدد اعتبرت الشركة أن هذا يعد نهاية حقبة الفحم، مع احتفال قطاع توليد الطاقة في المملكة المتحدة بأول يوم خال من الفحم في نيسان (أبريل) من هذا العام، وانخفاض استخدام الفحم إلى مستويات لم يسبق لها مثيل منذ الثورة الصناعية قبل 200 عام. عالميا، كان الفحم في أدنى مستويات الاستهلاك والإنتاج منذ عام 2004. قالت "بريتيش بتروليوم"، كان هناك تكيف مستمر للتغيرات الدورية على المدى القصير مضافا إليها الدعم من الانتقال الجاري على المدى الطويل. وهذا التحول باتجاه نحو طاقة أنظف ومنخفضة الكربون تقوده مصادر الطاقة المتجددة، التقدم التكنولوجي والاحتياجات البيئية.
وفي عام 2016، ازداد استهلاك النفط، والغاز الطبيعي والفحم بشكل أسرع من الإنتاج، مع زيادة الطلب على النفط بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا. ويبلغ مخزون النفط العالمي الآن 300 مليون برميل فوق متوسط السنوات الخمس. في الوقت الذي حقق فيه النفط حصة في الأسواق، بلغ متوسط أسعار خام برنت 44 دولارا للبرميل في عام 2016، بانخفاض من 52 دولارا في عام 2015، وهو أدنى متوسط سنوي منذ عام 2004. وأبرزت النشرة اثنين من اللاعبين الرئيسين المؤثرين في التوازن في سوق النفط: النفط الصخري الأمريكي ومنظمة أوبك.
وقالت الشركة إن النفط الصخري الأمريكي استجاب بسرعة أكبر لإشارات الأسعار من النفط التقليدي. غير أنها أكدت الحذر من التعميمات، لأن استجابة الحوض البيرمي Permian Basin في غرب تكساس تختلف عن استجابة "إيجل فورد" Eagle Ford في جنوب تكساس، الذي يختلف هو الآخر عن استجابة "باكن" Bakken. في المتوسط، ارتفع معدل إنتاج الآبار الجديدة لكل وحدة حفر بنسبة 40 في المائة سنويا في عامي 2015 و2016.
في هذا الجانب، ادعى التقرير أن ظهور النفط الصخري الأمريكي يمكن أن يفهم على أنه تحول هيكلي طويل الأجل. وقد يفسر ذلك سبب عدم خفض "أوبك" إنتاجها في عام 2014، حيث بدأ النفط الصخري في إحداث تأثير حقيقي، لكنها اختارت أن تفعل ذلك في عام 2016. وقالت الشركة، كانت هذه المرة تتعلق بمستويات المخزون. هذا وقد وصل متوسط أسعار النفط حتى الآن إلى 53 دولارا للبرميل، وهذا يرجع جزئيا إلى الإجراءات التي اتخذتها "أوبك".
على الرغم من أن استهلاك الغاز الطبيعي ارتفع عالميا بنسبة 1.5 في المائة، إلا أنه كان أضعف من متوسط السنوات العشر البالغ 2.3 في المائة، وكانت أسعار "هنري هاب" أقل بنسبة 5 في المائة في عام 2016 عما كانت عليه في عام 2015. ولقد انخفض إنتاج الغاز الأمريكي للمرة الأولى منذ أن بدأ إنتاج الغاز الصخري في منتصف العقد الأول من القرن الـ 21، ولكن الطلب نما بقوة في بعض المناطق، ولا سيما أوروبا (6 في المائة). وكانت الصين مرة أخرى المصدر الرئيس لنمو الغاز، ولكن توافر إمدادات جديدة يعني أن دولا جديدة بما في ذلك مصر، وبولندا وباكستان أصبحت لاعبين أكبر في السوق.
وكان العام الماضي أيضا العام الأول من طفرة نمو الغاز الطبيعي المسال، حيث من المتوقع أن يرتفع العرض بنسبة 30 في المائة بحلول 2030. وكان أداء أستراليا متميزا مع عديد من المرافق الجديدة تبدأ بالعمل. وقالت "بريتيش بتروليوم" إنها تتوقع أن يكون هناك تداول أكثر مرونة في أسواق الغاز الطبيعي المسال في السنوات القليلة المقبلة، مع عقود أصغر وأقصر ومزيد من العرض على شكل وحدات تسييل جديدة تبدأ بالعمل كل ثلاثة أو أربعة أشهر في السنوات الأربع المقبلة. استراتيجية شركة بريتيش بتروليوم الخاصة تركز أكثر على الغاز، حيث إن من مجموع سبعة مشاريع تبدأ العمل هذا العام للشركة، ستة منها مشاريع غاز. من ناحية الطاقة المتجددة، 40 في المائة من الزيادة العالمية في الطاقة المتجددة ضمن الطاقة الأولية كان من الصين – وهذا أكثر من دول منظمة التعاون الاقتصادي OECD بأكملها. بقيادة الرياح والطاقة الشمسية، لا تزال الطاقة المتجددة تشكل 3.2 في المائة فقط من الطاقة الأولية، ولكن "بريتيش بتروليوم" أكدت أن كلا من النفط والغاز والطاقة النووية استغرق كل منهما 40 ـــ 50 عاما لتحقيق حصة مهيمنة من السوق. وأضافت أن الأمر يحتاج إلى وقت لتحويل الموارد إلى مصادر جديدة للطاقة. كانت الانبعاثات ثابتة أيضا للسنة الثانية على التوالي، حتى في الصين، حيث تشير التقديرات إلى أنها انخفضت في العامين الماضيين (بعد نمو بنسبة 75 في المائة في السنوات العشر السابقة قبل ذلك).

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي