محمد بن سلمان .. وانتهاء مرحلة الاقتصاد الريعي
لعل تماسك وسلاسة انتقال السلطة من أهم العوامل التي أكسبت السعودية ثقة العالم ولأن تصبح من أهم مراكز صناعة القرار في الشرق الأوسط إن لم يكن أهمها.
أمران رئيسان أسهما في تقوية الاستقرار السياسي ونضج صناع القرار السعودي:
الأول: التعقل والحكمة هي الأساس في صناعة القرار داخل الأسرة الحاكمة. فالتصويت على تعيين الأمير محمد بن سلمان داخل هيئة البيعة كان بتأييد 31 من أصل 34 عضوا. هذا التصويت يعكس تقبل جل أفراد الأسرة الحاكمة لهذا القرار. كما أن مباركة الأمير محمد بن نايف ومبايعته للأمير محمد بن سلمان أعطت دلالة أخرى لتناغم صناعة القرار داخل أسرة آل سعود. هذه الوحدة داخل محيط الأسرة لا يعني أنها أسرة ملائكية لأن اختلاف وجهات النظر أمر صحي وطبيعيي لكن الأهم إذعان معظم أفراد الأسرة لما يقرره الأغلبية.
الثاني: التقبل الكبير الذي حصل لدى أبناء الشعب السعودي بشكل خاص. فكل وسائل الإعلام الرسمية وغير الرسمية أعطت دلالة واضحة على تكاتف الشعب السعودي نحو قرارات قيادته. فالشعب السعودي مجمع أن آل سعود هم قدر هذه البلاد وخير من يحكمها. فالتاريخ يخبرنا أنه عندما سقطت الدولة السعودية الأولى بمؤثرات خارجية، عادت هذه الأسرة المباركة إلى الحكم مجددا وبثبات أكبر. ونحن نعيش في حكم الدولة السعودية الثالثة، فإن الولاء لهذه الأسرة المباركة يزداد عمقا وثباتا ورسوخا مع مرور الوقت.
سلاسة صناعة القرار داخل البيت السعودي سواء داخل محيط الأسرة الحاكمة أو بين أفراد الشعب أحبطت مخططات أعداء هذه البلاد، كما قدمت للعالم صورة مشرفة ومشرقة لاستقرار صناعة القرار فيها. هذه الحقيقة جعلت هذه البلاد المباركة بعيدة عما تشهده عديد من دول الجوار من توتر في العلاقات وانقلابات داخل محيطها. لذا لم يكن أمام المجتمع الدولي إلا أن يقف احتراما لصناعة القرار السعودي، تصبح السعودية أحد أهم الدول المؤثرة على المستوى الدولي وعلى منطقة الشرق الأوسط وجه الخصوص.
الجميل أن التغيير الهيكلي في صناعة القرار السعودي متأثر بشكل كبير بطبيعة المرحلة التي تمر بها البلاد. فتعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد يأتي في إطار أنه رجل المرحلة المقبلة. فباعتقادي أننا في مرحلة يمكن أن يطلق عليها مرحلة الانطلاق من الاقتصاد الريعي إلى الاقتصاد المعرفي. فالسعودية تسعى من خلال رؤيتها لتقليل الاعتماد على موارد النفط أو حالة الإدمان النفطية التي ذكرها ولي العهد. فقد سبق لولي العهد الأمير محمد بن سلمان أن ذكر "نحن أصبحت لدينا حالة إدمان نفطية في السعودية من قبل الجميع، وهذه خطيرة". لذا فالانتقال لاقتصاد مزدهر يعتمد على الإنسان في أساسه وليس على مورد قابل للنضوب أو ضعف الاعتماد الدولي عليه بسبب تطور التقنيات. لا شك أن الوصول إلى تنوع في مصادر الدخل ليس بالأمر السهل، ولكنه يتطلب جهودا لتعزيز قيمة الإنسان السعودي ومهاراته.
كما أن الأمير محمد بن سلمان عرّاب "رؤية 2030". هذه "الرؤية" تتطلب أن تدار من قبل جيل الشباب لكون الشباب الأكثر تأثيرا وتأثرا بها. فالشباب تفصله عن تحقيق "رؤية المملكة" قرابة 13 عاما. فالـ 13 عاما وما سيتم زرعه في طياتها من برامج تنفيذية كبرنامج التحول الوطني 2020 وغيره من البرامج التي صدرت وستصدر لاحقا، ستسهم في أن نحصد نتائج تحقيق المملكة لـ "رؤيتها 2030".
ختاما تعيين الأمير محمد بن سلمان وليا للعهد سيزيد من دعم كل ما من شأنه تحقيق "رؤية المملكة 2030" وسيعطي استقرارا وثباتا نحو تحقيق ومتابعة البرامج التي ستسهم في تحقيق هذه "الرؤية".