حراك «الرؤية» .. تحقيق الأهداف قبل موعدها

تمضي التحولات الاقتصادية الحقيقية في المملكة بصورة متسارعة وقوية. بل تمكنت السعودية من تحقيق بعض الأهداف الاقتصادية حتى قبل موعدها، ما يعزز حراك تنفيذ "رؤية المملكة 2030" وبرنامج التحول المصاحب لها. وهناك نقطة مهمة جدا في هذا السياق، تتعلق بالأدوات المتطورة للتنفيذ. وهي المحور الرئيس في إنجاح أي خطة، فكيف الحال بـ "رؤية" تشكل اقتصادا سعوديا وطنيا جديدا؟ وهذه الإنجازات تحفز تلقائيا على المضي قدما نحو التنفيذ بأعلى مستويات الجودة للاستراتيجية، خصوصا مع وجود هوامش واسعة للتحرك، بل وتدارك أي عقبات قد تعترض الطريق. إن تحقق الأهداف في موعدها، يعني أنك ضمنت النجاح، لكن أن تحقق الأهداف قبل موعدها، يعني أنك تستطيع أن تمضي قدما في مجالات أخرى مختلفة تدعم الحراك الاستراتيجي العام، بل وتفسح المجال أمام طرح مزيد من الأفكار القابلة للتنفيذ.
ومن هنا يمكن النظر إلى ارتفاع حجم العوائد غير النفطية السعودية في الربع الأول من العام الجاري. وهذه النقطة على وجه الخصوص تشكل محورا رئيسا في "رؤية المملكة 2030"، بل تعتبر القاعدة الأساس للاقتصاد الجديد. صحيح أن النسبة حاليا منخفضة، لكن الصحيح أيضا أن التحول نحو اقتصاد متنوع بعيد عن النفط، يسير بخطوات ثابتة ومتسارعة أيضا. علما بأن مجالين اثنين فقط أسهما في ارتفاع العوائد غير النفطية في الفترة المشار إليها، هما، الضرائب والرسوم الجمركية، والعوائد الخاصة بصندوق الاستثمارات العامة، ومؤسسة النقد العربي السعودي. إضافة أكثر من 400 مليون ريال في ثلاثة أشهر، تشكل نقطة لافتة في كل المقاييس، لتسهم في إجمالي الإيرادات غير النفطية التي تبلغ في الوقت الراهن حدود 22 في المائة.
هناك قطاعات عديدة جديدة دخلت بالفعل الساحة الاقتصادية السعودية، لا علاقة لها بالقطاع النفطي. وكذلك يجري تفعيل قطاعات مشابهة موجودة على الأرض. ومع تغيير دفة الاقتصاد، والعمل على إنشاء اقتصاد آخر جديد، ستشهد الساحة السعودية نموا ملحوظا في السنوات المتبقية من العقد الحالي، على صعيد القطاعات غير النفطية. فهي تشمل مساحات اقتصادية واسعة من السياحة إلى الخدمات إلى النقل، مرورا بالتصنيع والتصدير وإعادة التصدير. كما أن هناك مخططات بدأت بالفعل في مرحلة التنفيذ تدعم حراك القطاع المالي. دون أن ننسى بالطبع، الشراكة التي تشكل جزءا محوريا من "الرؤية" بين القطاعين العام والخاص.
كما أننا أمام مرحلة جديدة تماما من الخصخصة، التي تمثل أساسا لأي اقتصاد مرن ومتطور. والخصخصة هنا هي بحد ذاتها رافد من روافد الاقتصاد غير النفطي، إضافة إلى الاستثمارات الأجنبية التي بدأت بالفعل تتدفق على الساحة الاقتصادية السعودية. ولذلك، فإن ارتفاع حصة العوائد غير النفطية في الربع الأول من العام الجاري، ليس سوى مؤشر لارتفاعات كبيرة في المستقبل القريب، خصوصا عندما تتكرس معالم "الرؤية" على الساحة. وهذا الأمر لا شك يتطلب وقتا يصل إلى العام المُعلن وهو 2030، لكن بالأداء الإيجابي الحالي، ربما تحققت الأهداف قبل الموعد المحدد لها. تعي المملكة، أن المستقبل الاقتصادي المزدهر والمشرق ينبغي أن يكون مستندا إلى التنوع المطلوب في كل القطاعات. وهذه القناعة لا علاقة لها بتراجع أسعار النفط، بل بالاستدامة الاقتصادية التي تمثل صمام أمان للاقتصاد الوطني في كل الأزمنة. سواء في فترات الكساد أو النمو.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي