8 وسائل لإطلاق منصة أعمال ناجحة
تواجه منصات الشركات دائما في البداية تحدي "الدجاجة أم البيضة" عندما تريد أن تصبح صلة الوصل بين المستهلك والمنتج، وإليك ثماني طرائق للالتفاف على ذلك.
انطلقت منصات الأعمال وأخذت تنتشر سريعا ويتزايد أنصارها عبر العالم كالعاصفة، لأنها نماذج مفتوحة لممارسة الأعمال تسمح بتبادل السلع أو الخدمات أو الأفكار بتكلفة منخفضة، وتشكل بديلا جذابا للشركات التقليدية التي تشتري وتبيع وتحدد أسعارها بذاتها، لكن أمامك عمل كثير عليك إنجازه إذا أردت إنشاء منصة والنجاح في تنميتها. توجد عوامل كثيرة يجب أخذها في الحسبان عند بناء المنصة، بدءا من جذب المستخدمين وصولا إلى توفير التعامل السلس لهم.
ولا ريب أن فهم أهمية جذب أكبر عدد ممكن من المستخدمين إلى منصة معينة يمثل عاملا كبيرا في نجاح إطلاقها، لكن المعضلة التي نطلق عليها "مشكلة الدجاجة أم البيضة" تهدد جميع مؤسسي تلك المنصات تقريبا، وهي كيف تبني قاعدة من المستخدمين لسوق من جانبين عندما يعتمد كل جانب على الوجود المسبق للجانب الآخر؟
نقترح في كتابنا "ثورة المنصة" Platform Revolution، ثماني استراتيجيات لحل مشكلة الدجاجة أم البيضة.
1. تعتمد "استراتيجية اتبع الأرنب" على نجاح الأعمال القائمة السابقة لتأسيس المنصة التي يظهرها سجل تاريخ الشركة. فمثلا شركة أمازون، التي كانت قبل أن تصبح منصة للأعمال تمارس أعمالها بطريقة فعالة، وتعتمد على قوائم المنتجات على الإنترنت لجذب المستهلكين. وما إن أصبحت لديها قاعدة عملاء مزدهرة حتى حولت ذاتها إلى منصة من خلال إطلاق سوق أمازون Amazon Marketplace، وفتحت نظامها للمنتجين الخارجيين كي تسمح للتجار بالبيع لعملائها، وتحصل "أمازون" بنتيجة ذلك على عمولة من إيرادات كل عملية بيع. أما إذا كنت تنطلق بالمنصة من نقطة الصفر، فإنك يجب أن تفكر بإيجاد القيمة. فمثلا بدأت مدونة "هافينجتون بوست" أولا بتوظيف كتاب لنشر تدوينات عالية الجودة من أجل جذب القراء، الذين بدأوا لاحقا بالإسهام في نشر التدوينات أيضا، وهو ما أدى بدوره إلى زيادة عدد القراء. ويمكنك أيضا تصميم المنصة لجذب مجموعة معينة من المستخدمين أولا، كأن تتيح لبائعي المنتجات الانضمام بسهولة لتكوين حجم مفيد كاف ثم فتحها للجمهور الواسع من أجل اكتشاف فائدة التعامل عليها.
2. استراتيجية "احملني على الظهر"، وهي أن تصل منصة قاعدة المستخدمين الحاليين من منصة مختلفة بوحدات تقديم القيمة التي تمتاز بها. فمثلا اتبع موقع "جستدايل" Justdial وهو أكبر سوق للتجارة المحلية في الهند، هذه الاستراتيجية عبر ملء قاعدة بياناته الأولية من لوائح الشركات في الصفحات الصفراء، ومن جمع المعلومات من خلال زيارات مندوبيه إلى مقار الشركات. واعتمد على هذه المعلومات لإطلاق خدمة دليل الهاتف. فعندما كان يتصل العملاء بحثا عن خدمة، فإن "جستدايل" يمرر اسم المتصلين إلى المنتجين المعنيين، وتعبيرا عن امتنان المنتجين لمنحهم أسماء وأرقام العملاء المحتملين أخذوا يشتركون في المنصة فبدأت تنمو.
3. "استراتيجية البذر" وتعني أن تتولى المنصة مهمة توليد القيمة بنفسها بوصفها المنتج الأول. فمثلا عندما أطلقت "جوجل" نظام تشغيل الهواتف الذكية أندرويد لتنافس نظام آي أو إس من "أبل"، بذرت السوق من خلال تقديم مبلغ خمسة ملايين دولار في صورة جوائز للمطورين الذين أنتجوا أفضل التطبيقات في عشر فئات. وأصبح أولئك الفائزون رواد السوق وجذبوا مزيدا من العملاء.
4. استراتيجية "الخيمة الكبيرة" وهي تعني توفير الحوافز لجذب أعضاء من فئة معينة لمنصتك. فمثلا في عام 2009، تحولت الخدمة البريدية السويسرية إلى منصة رقمية لتسليم الرسائل باستخدام تقنية المسح الضوئي والأرشفة من شركة مقرها في سياتل، هي "إرث كلاس ميل" لكن لجذب العملاء الذين رفضوا هذه الخطوة وأصروا على تسلم البريد التقليدي، قدم البريد السويسري مجانا عدة آلاف من أجهزة آيباد للمنازل، لتشجيع المجتمعات الريفية على التحول من الرسائل المادية إلى الإلكترونية، وخفض هذا كثيرا التكاليف التي كانت تتكبدها لتسليم البريد باليد.
5. استراتيجية "الجانب الأحادي" وهي تنشئ الأعمال بالاعتماد على المنتجات أو الخدمات التي تفيد مجموعة من المستخدمين، ثم تحول ذاتها في وقت لاحق إلى منصة من خلال استقطاب مجموعة ثانية من المستخدمين تتعامل مع الأولى. اتبعت منصة "أوبن تيبل" OpenTable، نظام حجز المطاعم هذا الأسلوب، وهي مثال نموذجي لمشكلة الدجاجة أم البيضة، فدون وجود قاعدة كبيرة من المطاعم، لماذا سيرغب العملاء في زيارة الموقع؟ ومن ناحية أخرى، إذا لم يكن عدد زوار الموقع كبيرا لماذا تكلف المطاعم ذاتها عناء المشاركة فيه؟ استطاعت "أوبن تيبل" حل هذه المشكلة أولا بتوزيع برنامج لإدارة حجز المطاعم، ثم بعد أن أصبح برنامجها مستخدما في عدد كاف من المطاعم، توجه الموقع إلى العملاء وبدأ بتحصيل الرسوم من توليد مقدمات الشراء.
6. استراتيجية "التبشير بالمنتج" وذلك بتصميم منصة لجذب المنتجين الذين يمكن بعد ذلك إقناع عملائهم ليصبحوا مستخدمين للمنصة. وتعتمد منصات التمويل الجماعي مثل "إنديجوجو" Indiegogo و"كيكستارتر" Kickstarter هذا الأسلوب كي تنمو إذ تستهدف المبدعين الذين يحتاجون إلى التمويل بالبنية التحتية اللازمة لاستضافة محتوى أفكارهم، وتدير حملات لجمع التمويل لها.
7. استراتيجية "تبني الانفجار الكبير" وهي تعتمد على أسلوب التسويق التقليدي وانتهاز الفرص لجذب الانتباه. فمثلا حقق تطبيق "تندر" Tinder للمواعدة المعتمدة على المكان، الازدهار في عام 2012 بعد إطلاقه في حفلة شبابية ضمن جامعة جنوب كاليفورنيا، لأنها مرتع للشبان والشابات الذين يبحثون عن اللقاءات العاطفية، وهكذا جعل "تندر" العملية أسهل وحقق الكتلة الحرجة اللازمة للانطلاق من خلال الحفل في مكان صغير ومغلق.
8. بناء على البداية المتواضعة لتطبيق "تندر" فإن استراتيجية "السوق المكروي" تستهدف سوقا صغيرة يمارس فيها الأعضاء التعاملات، فيقدم مثالا يتيح للمنصة إثبات فعاليتها في إيجاد الشركاء المناسبين. فمثلا كان قرار "فيسبوك" بإطلاق خدمته أولا في مجتمع جامعة هارفارد المغلق خطوة صحيحة مكنته من حل مشكلة الدجاجة أم البيضة، فبعد أن جذب 500 مستخدم من الجامعة ضمن تضمنه مجتمعا نشطا عندما انطلق للعامة.
يمثل جذب المستخدمين إلى المنصة إحدى أهم خطوات تحقيق النجاح، لكن تسويقها يجب أن يختلف عن طريقة تسويق الشركات التقليدية من ناحية جوهرية، إذ يجب أن يعتمد على استراتيجيات جذب بدلا من استراتيجيات الدفع، لأنها أكثر فعالية وأهمية. تعريف المستخدمين بالمنتجات وحده لا يدفع إلى التبني والاستخدام، فالسلع والخدمات يجب أن تصمم، حيث تجذب العملاء إلى مدارها طبيعيا بكل بساطة.