الشركات الصغيرة والمتوسطة تحتضن أسواق السندات

في الماضي، كان أصحاب الشركات الصغيرة والمتوسطة يكشفون النقاب عن خطتهم التجارية البراقة أمام مجموعة من البنوك، ويهزون رؤوسهم في إشارة إلى أن اقتراحهم يستحق الملايين.
كان ذلك قبل عام 2008، أما أصحاب المشاريع التجارية في الوقت الحاضر، فهم محظوظون إذا وجدوا مصرفيا يستمع إليهم، فالقوانين الجديدة، كقانون بازل 3، الذي يرفع المتطلبات الرأسمالية ويخفض الرافعة المالية في النظام المالي، تجعل من الصعب على البنوك تقديم الائتمان. وبالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة، خصوصا تلك الموجودة في أوروبا، حيث لا تزال الاقتصادات تكافح في ظل أزمة اليورو، فإن الائتمان صعب.
وفي ظل عدم وجود قروض مصرفية أو تسهيلات ائتمانية، تلجأ العديد من الشركات ذات الرسملة المتوسطة إلى سوق السندات من أجل التمويل. يقول بيير هيليون، أستاذ العلوم المالية لدى إنسياد، في دراسة الحالة التي أعدها حول التمويل البديل بعنوان "اللاوساطة في سوق السندات الألماني للشركات ذات الرسملة المتوسطة": "النمو في إصدارات السندات كان واضحا بشكل خاص في ألمانيا، حيث تحول الإصدار الصافي من ثابت نسبيا في 2007/2008 إلى معدل نمو سنوي بلغ 17 في المائة خلال فترة سحب القرض".
في ألمانيا، تم استبعاد الشركات الصغيرة جدا التي ليس لها سجل من المخاطر من سوق الائتمان تماما. ولمعالجة هذه المشكلة، قامت بورصة شتوتجارت بإنشاء رصيف للسندات خاص بالشركات الصغيرة والمتوسطة، ووفرت إصدارات في نطاق 25 – 150 مليون يورو. وفي شتوتجارت، وهي موطن شركات ديملر وبورش وروبرت بورش، حشد القطاع المالي الدعم لشركة بوندم. يقول سابين تراوب من بورصة شتوتجارت لمجلة إنسياد للمعرفة: "أعتقد أن المجتمع يعلم أن القطاع بحاجة إلى بدائل عن التمويل المصرفي، إذا ذهبت إلى المنطقة الأنجلو – أمريكية، ستجد أن إصدار السندات أمر طبيعي، وأعتقد أن وسط أوروبا لا يزال يركز على التمويل المصرفي".
في تحول جذري عن ثقافة الدخل الثابت التقليدية، يسمح نموذج بوندم للشركات بإصدار سندات لمستثمر التجزئة مباشرة في السوق الرئيسية أثناء فترة الاكتتاب. والاكتتاب بالتجزئة يوفر على الشركات الرسوم المترتبة عليها من خلال إصدار الشركة المؤمنة، كما أنه يعطي المستثمرين الأفراد ميزة السعر المبكر على القائمة الأولى. وبعد طرح السندات الأولية، يتم تداول الصكوك علنا في سوق بوندم.
يذكر أن نحو 25 شركة من الشركات الصغيرة والمتوسطة مدرجة حاليا في شركة بوندم، وأن القيمة الإجمالية للأصول تزيد على 1.6 مليار يورو.
يقول تراوب إن استهداف مستثمري التجزئة "صفقة كبيرة إذا لم تكن سنداتك قد تم اكتتابها من قبل بعض المؤسسات"، البورصة تؤسس لمزيج متوازن من المستثمرين. "هدفنا هو أن يكون لدينا النسبة نفسها للمستثمرين من الأفراد والمؤسسات، ولدينا الآن نحو 40 في المائة من المستثمرين الأفراد في المتوسط في سنداتنا.
تعمل الشركات التي تسعى للحصول على رأس المال في السوق مع "مدرب بوندم"، وهو عبارة عن مستشار مالي يرشدهم إلى الخطوات التنظيمية اللازمة للتسجيل.
ووفقا لـ تراوب، فإن "اللوائح صارمة بما فيه الكفاية بالنسبة لأسواق رأس المال، لكنها ليست صارمة للغاية بالنسبة للشركات الصغيرة والمتوسطة لاختيار الطريق إلى سوق رأس المال".
يشير بيير هيليون إلى أن السيولة والسمعة هما أكبر المخاطر على الاستثمار في سوق بوندم. قد تتجنب الشركات الجيدة السوق إذا نظرت فقط إلى الجانب السيئ أو المخاطر في إصدارات الشركات الصغيرة والمتوسطة. ويقول هيليون في دراسته: "هل ستكون السوق سائلة إذا حدثت مخاطر الذيل أو عندما تحدث "بشكل منهجي للاقتصاد أو بشكل محدد بالنسبة لمصدري السندات"؟
ولمعالجة المخاوف حول السيولة، فقد قامت بورصة شتوتجارت بتعيين ما يسمى "مزودو السيولة الجيدة"، الذين يقومون، وفقا لتراوب، "بتوفير نوع من الإرشاد في عملية بيع وشراء السندات، ويقوم هؤلاء المزودون بضمان التنفيذ الكامل للطلبات، والحفاظ على مبادئ أفضل الأسعار". وتعمل شركة يواكس أي جي EUWAX AG كمزود لبورصة شتوتجارت، حيث تقوم بمطابقة طلبات البيع والشراء، وتقوم أيضا إذا لزم الأمر بالبيع والشراء لحسابها الخاص، في محاولة منها لضمان السيولة للشركات الصغيرة. وتتم التسوية خلال يومين، على غرار الأسهم.
على الرغم من المخاطر الكامنة، ينجذب المستثمرون لبوندم، لأن العائدات مرتفعة، ولا يزال هنالك أيضا قدر من الشفافية. ثمة اعتراف بطيء من قبل القطاع العقاري في أوروبا بقيمة سوق بوندم. لقد تمت تغطية المبلغ المطلوب لسندات المطور إيبساك IPSAK في أقل من ساعتين في تشرين الثاني (نوفمبر) 2012، وهو وقت قياسي لبوندم. وتقدم سندات الشركات الصغيرة والمتوسطة أيضا فئة جديدة من الأصول للمحافظ، ويمكن الحصول عليها في جميع أنحاء العالم عن طريق تحديد الرقم الدولي للأوراق المالية ISIN.
لقد انتشرت شعبية قطاع التداول لبوندم في جميع أنحاء ألمانيا، وامتدت إلى فرنسا، حيث أصبحت هذه الشركة ملهمة لأسواق الديون للشركات الصغيرة والمتوسطة في فرانكفورت ودوسيلدورف وهامبورج وميونيخ. وفي يورونيكست Euronext/ باريس في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، رفعت شركة كابيللي CAPELLI للتطوير والترويج في القطاع العقاري مساهمتها في أول طرح لسندات الشركات الصغيرة والمتوسطة إلى 11.7 مليون دولار أمريكي.
تعتبر بوندم قطاعا جذابا للشركات الأوروبية التي هي بحاجة إلى التمويل الخارجي، لكن يجب على الشركات التي تطرح أسهمها في بورصة شتوتجارت أن تقنع المستثمرين القلقين بأن خططهم التجارية تستحق الملايين، وهي معركة شاقة في الوقت الذي تشتد فيه أزمة اليورو. الأموال متوافرة، لكن يجب على الشركات الصغيرة والمتوسطة أن تعمل بجد من أجل الحصول عليها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي