مذكرة داخلية عاجلة إلى الفريق الدولي

كانت المذكرة الداخلية المرسلة عبر البريد الإلكتروني ـــ من فرع الشركة في السعودية إلى أحد الأقسام الدولية في الشركة الأم ــــ كما يلي: "الزملاء في فريق التسويق والمبيعات عبر القارات، كما تعلمون كان نمو المبيعات في السنوات الأخيرة متميزا على مستوى المنطقة، ولكن أخيرا طرأت ظاهرة جديدة تتمثل في وجود منافسين محليين يحققون نتائج قوية ولا نملك عنهم معلومات كافية أو خلفية معتبرة إذ تنمو أعمالهم بشكل سريع جدا. نحن لا نعتقد أنهم يهددون وجودنا. وقمنا فعليا بطرح برامج تسويقية مبتكرة للمحافظة على موقعنا المعهود، ولكن، نود الحصول على رأيكم وخبرتكم فيما يخص الحالات المشابهة التي وقفتم عليها في البلدان الأخرى ـــ مرفق تقرير مقارنة الأعمال للاستزادة". قد تكون مثل هذه الرسائل خرجت أخيرا بشكل أو آخر من أكثر من سلسلة لمطاعم بيع الأطعمة السريعة، وكيل لمنتجات السيراميك، وآخر للعشب الصناعي، ومورد للأدوات البلاستيكية المتخصصة. ربما تكون المذكرة قد أتت بشكل معاكس من الشركة الأم استفسارا عن المنافسة الجديدة.
يواجه كثير من الأعمال تحديات راهنة لا يمكن تجاهلها، وأحد أهم هذه التحديات المنافسة المحلية الصاعدة. وعلى الرغم من أن فحوى المقال دعم الأعمال المحلية التي تقدم هذه المنافسة الرائعة إلا أن المتابعة من وجهة نظر المنافس الدولي قد تعرض بعض النقاط بشكل أوضح وأكثر فائدة. لذا، أطرح السؤال التالي: كيف تقاوم الشركة الدولية ــــ أو أحد أقسامها المتخصصة ــــ هذه المنافسة المحلية التي تهدد نموها العالمي وسير أعمالها في أحد أهم أسواق المنطقة؟!
"كي نقضي على المنافسة المحلية الصاعدة يجب أولا أن نستغل المعايير الموثقة في تقارير أعمالنا ومميزات الجودة النوعية التي عملنا عليها لسنوات طويلة، سنستعرضها بشكل مستمر حتى يعرف العملاء أننا نحافظ على الجودة الاستثنائية في العمل. إذا لم ينجح هذا الأمر سنقوم بالاستفادة من خبراتنا في كفاءة التصنيع والإنتاج لخفض الأسعار! وبذلك نعرض منتجاتنا وخدماتنا بسعر منافس مع الحفاظ على مستوى الخدمة، حينها سنحافظ بشكل مؤثر على قاعدة العملاء وربما نقلب الطاولة على الدخلاء الجدد ونجردهم من مكتسباتهم الأخيرة.
نرى أن المعرفة المحلية الجيدة والشكل والأسلوب المحلي الذي يعرض به منافسنا الجديد خدماته من أسباب قبوله لدى شريحة واسعة من العملاء، وهذا مهدد حقيقي. سنقوم بالتقرب أكثر من العناصر المحلية، وسنوظف مزيدا من الشباب السعوديين، ونحضر شركة تسويق محلية تساعدنا على إعادة طرح بعض برامجنا التسويقية بشكل مختلف عن الذي قدمناه في السابق، أشياء تعجب العملاء وتلفت انتباههم.
قد يكون من الملائم أيضا أن نتعرف على خلفية المنافس المحلي الصاعد، من الذي يدعمه؟ من هم مستثمروه الرئيسون؟ وكيف استطاع منافستنا بهذا الشكل؟ ربما نستطيع إقناع مستثمريه بالتحول تجاهنا أو نستطيع إخراجه من السوق بشكل أو بآخر. في كل الأحوال، إذا تطورت الأمور بشكل جدي سنقوم برفع مقترح للاستحواذ لإدارتنا الإقليمية، لعل هذه الخطوة تخرجنا من ورطة محتملة.
من العجيب أيضا أن منافسنا المحلي الصاعد، وعلى الرغم من قلة موارده المعرفية ــــ فهو لا يملك معرفة متراكمة مثلنا في إدارة الموارد بأنواعها ـــ إلا أنه يملك حلولا تقنية ممتازة. تأخرنا في استخدام التقنية بسبب الضوابط الموحدة يجعلنا متأخرين عن المنافسين الجدد. لا بد من استحداث سياسيات أكثر جرأة لتأسيس بنية تحتية سحابية نشطة ووجود إلكتروني شامل.
ولأن مثل هؤلاء المنافسين يبدأون تقريبا من العدم ويتحررون من قيود العمل التنظيمي التقليدي، نجد أن بيئة أعمالهم تحفز الإبداع بشكل مختلف عما تقدمه إدارة البحوث والتطوير التي تتمركز في بلد بعيد عن السوق والمشترين. وهذا يجعلهم متقدمين علينا بخطوات في الخروج بحلول مختلفة يقومون بتجربتها بشكل مباشر وحي. نحن نملك سجلا رائعا من التطور المنطقي لمنتجاتنا، ولكن هذا مع الأسف لا يخدم متطلبات عملاء اليوم، ولا بد من ثورة في أسلوب تعاطينا مع الابتكار. بكل تأكيد، تفويت التعامل مع هذه النقاط يجعل المنافسة أقوى وأشد، فهذا يزيد من تحديات اليد العاملة والقوانين المتزايدة والقوة الشرائية المترنحة".
تمثل تهديدات الشركة الدولية نقاط قوة للمنافسين المحليين، ويجب أن يستثمروا فيها بشكل أكبر. وهي ليست ذات أهمية للمنافس الناجح فقط، بل تمثل نقاط ارتكاز للمنافس المحتمل، أو الشركة الناشئة المحلية التي تخطط للدخول إلى السوق. لا يستطيع أحد التقليل من صعوبة النجاح محليا في وجود منافسين بخبرة دولية ونفس أطول، ولكن في نظري قصص النجاح المحلية أثبتت أنه لا يوجد مستحيل والفرص متاحة دائما لمن يبحث عنها.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي