Author

قمة البحر الميت .. والسياسة الأمريكية

|
مرت 28 قمة عربية عادية وتسع طارئة وثلاث اقتصادية منذ انطلاقتها عام 1946 ، وهي أعوام انقضت في ظروف سياسية واقتصادية متفاوتة في صعوبتها وتعقيدها مرت بها المنطقة العربية. بدأت القمة قبل 71 عاما بدعوة من الملك فاروق في مصر حيث عقد قادة دول جامعة الدول العربية أول مؤتمر قمة في مصر، شاركت فيه الدول السبع المؤسسة لجامعة الدول العربية، وهي: السعودية ومصر والأردن واليمن والعراق ولبنان وسورية. وكان مؤتمر القمة في ذلك الوقت قد ركز على القضية الفلسطينية. مرت عقود طويلة من عمر القمة. وطوال سنوات حتى مؤتمر القمة الأخير في البحر الميت في الأردن أمس الأول، يتفحص العرب آمالهم وتوقعاتهم إزاء القضايا العالقة والحروب. هي الآمال التي اختلفت تفاصيلها وإن بقيت أساسياتها ومهمتها في محاولة بلورة رؤية لمعالجة أزمات المنطقة الساخنة دائما وأبدا. بقيت فلسطين العنوان التقليدي الأبرز في قمة عمان الأخيرة. وكانت العراق أكثر العلامات الفارقة في العودة إلى الحضن العربي، أكدها اجتماع الملك سلمان برئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الذي جاء بعد الزيارة الشهيرة التي قام بها وزير الخارجية السعودي عادل الجبير للعراق الشهر الماضي. ويمكن قراءة مسعى عربي خليجي لإعادة العراق إلى الساحة العربية. أما سورية، الدوامة الضخمة، فقد ظل مقعدها شاغرا بعلم الجمهورية منذ خمس سنوات منذ تعليق العضوية. يليها الملف المعقد بلا حكومة مستقلة فضلا عن تحولها إلى بؤرة إرهاب خطرة. واليمن لا شك كان أيضا في رأس الأولويات حيث شدد الملك سلمان على وحدة اليمن وتحقيق استقراره، موضحا أن الحل في اليمن يجب أن يتم على أساس المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني. عول كثيرون خلال السنوات الأخيرة على تطوير القمة تماشيا مع الظروف المعقدة والتفكك الحاصل في المنطقة وخلافات بين الدول في الرؤى واعتبارات المصالح. وبطبيعة الحال، هناك بعض القضايا التي تشهد اختلافا عربيا حولها من حيث الأولويات. إلا أن ما يميز هذه القمة عن غيرها في ظل هذه الظروف هو أنها الأولى في عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب. ويمكن القول إن المشترك الأهم في هذه القمة بين الجميع هو المعارضة الصريحة للتدخل الإيراني السافر في ملفات وشؤون المنطقة وتحديدا في اليمن والبحرين وسورية والعراق. وفي ذلك مشترك أيضا مع التوجه الأمريكي الجديد والسياسة الواضحة تجاه إيران لتخليص العراق من التدخلات الإيرانية، كما مواجهة أي محاولات هيمنة إيرانية أخرى تعثر الاستقرار في المنطقة. لذا تبرز ضرورة العمل على المشتركات وتعزيزها حاليا فيما يتعلق بالعلاقات العربية - العربية، وبالتالي العربية - الأمريكية. ولا سيما أن السياسة الخارجية الأمريكية في عهد الرئيس ترمب ما زالت غير متبلورة تماما تجاه المنطقة، وبالتالي توضيح الأطر هذا يسهم في فك عدم اليقين الذي قد يكتنف الإدارة الأمريكية الجديدة وسياستها الخارجية تجاه المنطقة بأزماتها وعلاقات القوة أيضا، بشكل يسهم في الحلول، وبالأخص ما بعد ملف محاربة داعش والإرهاب. ويمكن قراءة الموقف الإيراني كذلك، الذي يسعى إلى التهدئة أكثر من أي وقت مضى.
إنشرها