سبب تفشي ظاهرة العمالة المخالفة
لا أحد ينكر خطر العمالة المخالفة وغير النظامية التي تتغلغل وسط المجتمعات وتنصهر فيها، وتكون سببا في الغالب في ارتفاع منسوب الجريمة وترويج المخدرات وكثير من المخالفات والجرائم التي تهدد أمن البلد والمواطن.
بالأمس القريب شاهدنا حادثة "دبابات" جدة، التي أثارت الرأي العام في المملكة، عندما تهجم عدد من المقيمين غير النظاميين على أحد رجال الأمن، وتم القبض عليهم من قبل شرطة جدة في فترة وجيزة، في إنجاز أمني يسجل بلا أدنى شك للأجهزة الأمنية.
معلوم أن السيطرة على تسرب العمالة المخالفة للسعودية أمر لا يمكن السيطرة عليه بسهولة، وذلك بسبب قدوم الملايين من المعتمرين والحجاج إلى الأراضي السعودية في كل عام، وهو ما ينتج عنه تخلف كثير منهم، طمعا في العيش فيها والبحث عن المال، سواء عن طريق العمل بطرق غير نظامية أو عن طريق التسول.
وجود هذا الكم الهائل من العمالة الأجنبية المخالفة، لا يمكن أن يتم ما لم يجدوا تعاونا من قبلنا نحن المواطنين، فنحن من نسهم في تهريبهم وتسربهم من مكة والمدينة إلى بقية مدن المملكة، ونحن من نسهم في تكاثرهم من خلال توفير العمل غير النظامي لهم، ونحن من ندخلهم إلى بيوتنا كعمالة منزلية، فنحن ــ مع الأسف الشديد ــ شركاء في تلك الجرائم التي ترتكب في حق وطننا ومجتمعنا، فهؤلاء لو لم يجدوا العمل والمأوى لما تدافعوا بالآلاف نحو السعودية.
ما أعنيه هنا، أن الحملات الأمنية، ومنها ما بدأ في جدة بعد حادثة الدباب، الهادفة إلى تطهير الأرض من تلك العمالة الأجنبية المخالفة، لا يمكن لها أن تنجح ما لم يتعاون المواطن مع تلك الجهات التي تعمل على ضبط وترحيل المخالفين من بلادنا، فإن سيطرت الجهات الأمنية على الشارع، فهل لها أن تسيطر على بيوتنا التي تؤوي الآلاف من المخالفين الذين يعملون كعمالة منزلية؟ بالطبع لن تتمكن من تفتيش كل البيوت.
نحن نسهم كمواطنين في تفشي ظاهرة العمالة المخالفة في المملكة، ونحن أيضا نملك الحلول في القضاء عليها من خلال مزيد من الوعي الذي نفتقده، والتعاون مع الجهات الأمنية في الإبلاغ عنها وعدم إيوائها ومنحها أعمالا تسهم في بقائها وانتشارها.