البيانات الضخمة وتطبيقاتها القادمة

منذ عام 2012 واستخدام مصطلح البيانات الضخمة في ازدياد مطرد. فالتطبيقات المتاحة لهذه التقنية غير محدودة، وكذلك إمكاناتها. بداية ظهور التقنية كان مع ابتداع وحدة قياس لكمية البيانات التي تتم معالجتها، وهي الإكسابايت. الذي مهد لها الطريق هو الزيادة المطردة في قدرة الحواسيب على تخزين البيانات بشكل هائل، إضافة إلى تسارع قدرات المعالجة. كل ذلك أصبح ممكنا عن طريق تقنيات النانو الإلكترونية التي قلصت مساحات الشرائح والموصلات. فبدأت تطبيقاتها في العلوم الأكثر حساسية لكمية البيانات مثل الطقس ومشروع الجينيوم البشري والفيزياء الكمية. ومع زيادة التطبيقات وتطور وسائل التحليل التي تعتمدها، اتسعت آفاق الحقول العلمية والعملية المستفيدة من البيانات الضخمة. فعلى سبيل المثال، تعتمد شركات صناعة الطيران على تحليل كل البيانات الصادرة عن رحلات طائراتها، التي تصل إلى إجمالي البيانات في العالم أجمع من الستينيات وحتى بداية الألفية، لتطوير محركات وطائرات أكثر أمانا وكفاءة.
أهم ركائز البيانات الضخمة هي عملية تحليل البيانات، التي تعتمد على ربط جداول المعلومات بشكل يختزل العلاقة بين عدة مصادر للمعلومة. فهي تعمل على تكثيف المعلومة بإضافة مستوى جديد عند إيجاد علاقة بين معلومتين مختلفتين، ليصبح مجموع المعلومات والعلاقات الناتجة أكثر دقة في التوقع والاستنباط. ولذلك يتم استخدام هذه التقنية في عالم تقنية المعلومات والتجارة الإلكترونية في محاربة الجريمة مع الكشف المبكر عنها. فباستخدام تقنية البيانات الضخمة تتمكن شركات التقنية من التقاط الأنشطة الشاذة عن النمط الطبيعي على شبكاتها ومواقعها الإلكترونية بشكل أسرع. ما يوفر لها حماية أكبر ضد عمليات القرصنة والهجمات الإلكترونية. إضافة إلى ذلك، فإنه يسهل عملية تحليل نقاط ضعف الشبكات وتعزيز أنظمتها الدفاعية.
في عالم الخدمات المالية والأعمال تعمل المؤسسات على جمع مزيد من البيانات عن العملاء بشكل مباشر وغير مباشر. وتقوم بتحليل مختلف هذه البيانات بعد ربطها لقياس مستوى المخاطر وتخيفيها إلى المستوى الأمثل لتحقيق الربحية المستهدفة. كما أن المعلومات التي تجمعها المصارف من عملائها المستقبليين تمكنها من قياس تكلفة إقراضه بشكل شخصي يتيح التسعير الأمثل. وكذلك تعمل على تحليل سلوكيات الاقتراض والإنفاق والدخل لتطوير منتجات ذات طابع شخصي. فعلى سبيل المثال، في حال ملاحظة زيادة في مبيعات شركات مواد البناء فإن المصارف ترسل إلى عملائها المناسبين رسائل ترويجية لقروض ترميم وتجديد المنازل. وحالما يقوم العميل بفتح حساب مشترك جديد لابن أو ابنة تصله رسالة بمنتجات الادخار للتعليم الجامعي.
مع دخول إنترنت الأشياء بشكل تدريجي إلى حياتنا اليومية سيتم تحويل كل ما نقوم به من اختيارات إلى مجموعة بيانات. وعن طريق ربطها ببيانات مشابهة سنتمكن من استخدام الطاقة بكفاءة أعلى وتطوير عقاقير شخصية لأمراضنا وتحسين قدرتنا على الاتصال. ولكنها في الوقت نفسه ستحد من الخصوصية وستعمل تنبؤاتها على زيادة توجيه المجتمع. فلا فوائد دون تكاليف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي