هل ثمة مواجهة أمريكية مع إيران في الخليج؟
الإثنين قبل الماضي، تعرضت فرقاطة سعودية لهجوم إرهابي من قبل زوارق حوثية، أثناء قيامها بدورية مراقبة غرب ميناء الحديدة، ونتج عنه استشهاد اثنين من أفراد طاقم السفينة، وإصابة ثلاثة آخرين. تلى هذا الحدث تحذير رسمي من مايكل فلين مستشار الأمن القومي الأمريكي لإيران، وذلك بسبب عدد من الأحداث التي وقعت أخيرا وأشارت الأصابع إلى إيران كمتورطة. وقد أوضح فلين أن تحذيره معني بتجربة إيران لصاروخ باليستي، والهجوم على الفرقاطة السعودية غرب ميناء الحديدة، ودعمها الحوثيين وتسليحهم بهدف زعزعة أمن واستقرار الخليج والمنطقة، مشيرا إلى أن إدارة أوباما فشلت في التعامل مع تلك التهديدات الإيرانية. وقيل إن الولايات المتحدة نشرت المدمرة "كول" التابعة للبحرية قرب مضيق باب المندب حيث ستنفذ دوريات تشمل مرافقة سفن، لحماية الممرات المائية من المسلحين.
هذا الحدث كان قبل يوم واحد فقط من انطلاق مناورات القوات البحرية الدولية المتحالفة (البريطانية، الأمريكية، الفرنسية والأسترالية) بقيادة بريطانية في الخليج، وكان ثمة اعتقاد أن إيران تختبر الإدارة الأمريكية الجديدة. وقد نشرت وكالة مهر الإيرانية الحكومية في 28 كانون الثاني (يناير) تقريرا عنوانه يقول "فرنسا وبريطانيا وأمريكا تواجه إيران في الخليج". وكامتداد لمقالي السابق، كان جدول اليوم الثاني الأربعاء يتطلب عودتي والفريق مجددا بعد الظهر بالهيلوكبتر من السفينة الأمريكية USS Mahan إلى السفينة البريطانية HMS Ocean وحين غادرت وفريق القيادة المركزية الأمريكية بالهيلوكبتر في طريق العودة إليها، جاءت تعليمات في الجو بالتوقف على السفينة الفرنسية، التي لم تكن مقررة ضمن جدول ذلك اليوم بل اليوم الذي يليه. واستقبلنا الفرنسيون على سفينتهم التي تبدو بطابع مختلف منذ أن تطأ قدماك سطحها، فالإتيكيت حاضر جدا في تفاصيل المكان. "يبدو أن فرنسا تحمل معها طابعها وأناقتها الباريسية حتى في سفنها الحربية، كابتن كلوزيل" قلت لكابتن السفينة الفرنسية الذي ضحك وعلق بإنجليزية تغلب عليها اللكنة الفرنسية الواضحة "هل تعتقدين ذلك؟".
وكان لي لقاء الكابتن الذي فضل الوقوف لتلقي الأسئلة في الهواء الطلق، رغم الرياح الباردة ورذاذ الماء. تزامن ذلك وتدريبات الفريق الفرنسي الحربية التي شهدتها كالقفز والغوص في المياه من على قوارب خاصة يتم إنزالها في البحر. "كابتن كلوزيل بما أنكم شركاء في هذه المناورات مع القوات البريطانية والأمريكية والأسترالية، فما تعتقدون في رأيكم هي التهديدات المحتملة في المنطقة؟" فأجاب "هذه التدريبات بالشكل الذي نقوم به الآن على طريقة "الرمح الثلاثي" مصممة لتعزيز مهاراتنا وقدراتنا المشتركة في كل ما يتعلق بالحرب في المجال البحري في منطقة الخليج"، "وهل هناك أي تواصل أو تنسيق مع دول الخليج أخيرا في هذا الخصوص؟" سألته مجددا فأجاب "كان لدينا كثير من التواصل مع دول الخليج ككثير من خطط التدريبات الشبيهة لتعزيز شراكتنا والبحريات الخليجية". وفي سؤال آخر "أخذا في الاعتبار التهديد المتزايد لأمن المنطقة هنا، هل ترى أي تصادم محتمل مستقبلا؟"، يجيب الكابتن كلوزيل مبتعدا عن الإشارة لتهديد بعينه تاركا التلميح والتصريح للسياسيين "شأننا شأن بقية البحريات، مع التزامنا الطويل لاستقرار المنطقة، هذه المناورات هي تأكيد على هذا الالتزام تجاهها". غادرت السفينة الفرنسية بعد الاطلاع على المعدات الحربية وقاعة المراقبة، وحتما لم تكن زيارة البحرية الأسترالية ضمن أجندة اليوم نفسه بل اليوم الذي يليه. لكننا أيضا انتقلنا إليها دون موعد وذلك بتوجيهات من البحرية البريطانية، ومن ضمن الفريق بعض ضباط القيادة المركزية الأمريكية. صباح اليوم الذي يليه، لم يكن ثمة خيار سوى المغادرة في موعد تأخر في انتظار الهيلوكبتر بعد التوجيه الأخير من القيادة البريطانية. وقد حملتنا الهيلوكبتر بعيدا، والسفن تصغر في عيني مع ارتفاعها عن سطح البحر لتبدو كألعاب صغيرة على مسرح كبير.