لقائي بالكومودور البريطاني والكابتن الأمريكي
كنت قبل أيام في رحلة مثيرة في مياه الخليج الدولية، برفقة القوات البحرية المتحالفة الضاربة بقيادة سلاح البحرية الملكية البريطانية التي تضم البحرية الأمريكية والبحرية الفرنسية والبحرية الملكية الأسترالية، للقيام بمناورات حربية في الخليج تحت اسم Unified Trident أو الرمح الثلاثي الموحد، التي انطلقت في 31 يناير حتى 2 فبراير. لا شك أن المتابع يرى أنها مناورات تأتي في وقت حساس جدا وسط مناوشات مستمرة مع سلاح البحرية الإيراني. كما تتزامن تماما والخطاب التصعيدي الذي تستخدمه الإدارة الأمريكية الجديدة تجاه طهران. وكان اليوم الأول الذي بدأ نشطا منذ الفجر، حيث شهدنا فيه بعض التدريبات والمناورات الحية. واستمر الحديث طويلا في غرفة المراقبة التي تضج كخلية نحل مع الكابتن البريطاني روبيرت بيدريه. كما كان لي موعد مع قائد القوات جميعها الكومودور (العميد البحري) البريطاني أندرو بيرنز في مكتبه الخاص، الذي أجاب عن أسئلتي التي منها: هل تسهم المناورات في ردع أي سلوك محتمل من إيران؟ فأجاب: "حسنا، لكي تتمكن من ردع أي أحد يجب أن تكون لديك قدرات عالية وهذا مثال على ذلك للمحافظة على أمن الخليج". كما سألته عن مستوى التعاون أو تنسيق مع بحريات دول الخليج وتحديدا السعودية، فقال: "أجرينا تعاونا مع جميع دول الخليج تقريبا في مختلف الجوانب ولا سيما فيما يخص أمن المنطقة، وكما ذكرت رئيسة الوزراء تيريزا ماي في قمة مجلس التعاون الخليجي أن أمنكم ورخاءكم هو أمننا ورخاؤنا، ومن موقعي القيادي هنا فإن هذه المناورات وهذا الوجود مثال ملموس على ذلك". وسألته إن كانت هناك خطة لعمل مناورات مع البحرية السعودية، تحديدا؟ فأجاب: "لا خطة حتى الآن، ولكنني متأكد من أن هناك فرصة مقبلة للعمل مع القوات البحرية السعودية، لذا فبلا شك نتطلع لفرصة العمل معا لأننا حلفاء للسعودية". وما التهديدات الكبرى التي تراها في المنطقة؟ سألته وكان رده "لا أرى تهديدا محددا حاليا، لكن كما نعلم جميعا أن الأمور بإمكانها أن تتغير بسرعة جدا جدا ودون تحذيرات كثيرة، لذا فعلينا المحافظة على وجود مستمر في هذه المنطقة من العالم، وحين يطرأ أي تغيير بإمكاننا أن نستجيب".
وانتقلت بالهيلوكوبتر صباح اليوم التالي إلى السفينة الأمريكية USS Mahan. التوقيت الحساس أيضا يذكرنا أن هذه السفينة الأمريكية نفسها التي تشارك في المناورات قد أطلقت قبل أقل من شهرين النار لصد سفن الحرس الثوري الإيراني، التي كانت متجهة نحو قواربها، ما اعتبره البعض تحديا أو استفزازا، كما أن كثيرين يعتقدون أن ثمة مواجهة مؤكدة ستحدث وشيكا. وكان لي لقاء خاص أيضا بالكابتن الأمريكي مارك ديفيس في مكتبه وسألته أسئلة منها: هل يمكن اعتبار هذا الحضور القوي مع القوات المتحالفة بمنزلة رسائل لدور أقوى في المنطقة في عهد الرئيس الجديد ترمب مقارنة بما يوصف بإعطاء الولايات المتحدة ظهرها للمنطقة في عهد الإدارة الراحلة؟ فأجاب "حسنا هذه المناورات تأكيد مستمر على علاقتنا بالشركاء في المنطقة وحماية الخليج. ولا توجد هناك سياسة متغيرة فيما يخص هذا الشأن، فوجودنا هنا مستمر". وسألت أيضا، وهل هناك تواصل مع دول الخليج والسعودية تحديدا فيما يخص المناورات والتدريبات؟ فأجاب "لدينا تواصل مستمر بالتأكيد وتعاون مع البحرية السعودية، كما لدينا مع الإمارات وعمان في جنوب الخليج والبحرين، وبالتأكيد لدينا الاهتمام نفسه، ولكن هذه المناورات تتم بين القوات المذكورة، لكن بالنسبة للتدريبات اللاحقة مع دول الخليج، ربما تجدول لاحقا". وهل هناك رسائل ترسلها الولايات المتحدة من هذه المناورات في المنطقة؟ سألته وكان الرد "هذه المناورات تستعرض وجودنا واهتمامنا بهذه المنطقة". المزيد عن هذه الرحلة في المقال المقبل.