Author

مستقبل العقار بين الجمود والغموض

|
أقل ما يمكن وصف واقع السوق العقارية في السعودية هو أنها مصابة بالجمود. رغم أن هذا الجمود من الممكن أن يكون طبيعيا، كجزء من الدورة الاقتصادية أو الاستثمارية أو التجارية الطبيعية التي تمر بمراحل من الصعود والهبوط، إلا أن ما دفع السوق إلى هذه الحالة لم يكن إلا تزامن المرحلة الراهنة مع تراجع أسعار النفط. الأمر الذي أغرق الشارع العقاري في حالة من الغموض. الجمود لا يعني بالضرورة أن السوق دخلت مرحلة هابطة، ولذلك سأقوم في السطور التالية بفك ملابسات هذا الغموض في محاولة لتوضيح الرؤية واستقراء مستقبل السوق العقارية. بدأ العقار رحلة الانتعاش والنمو المطرد الأخيرة مع بداية الألفية بعد مرحلة ركود طويلة في التسعينيات، ثم ما لبث أن تعززت مكاسبه بشكل أكثر حدة عاما بعد عام بعيد انهيار سوق الأسهم في عام 2006. حتى وصلت أسعار العقارات بجميع أنواعها وأشكالها، بيعا وإيجارا، إلى مستويات غير مستدامة لعدم تناسبها مع دخل الفرد. فكانت تكلفة الإيجارات هي أكثر العوامل المسهمة في رفع التضخم في تلك الفترة. وعلى الرغم من بداية ظهور إرهاصات لوجود فقاعة في أسعار الأصول العقارية قبل أكثر من عامين، استمرت الأسعار في الارتفاع المحدود أو استقرت على ما هي عليه حتى بداية العام الجاري. هناك عاملان أساسان حافظا على استقرار أسعار العقار رغم تضخمها، الأول هو الفجوة بين العرض والطلب، والثاني هو عدم وجود قنوات استثمارية آمنة وفعالة قادرة على امتصاص حجم السيولة المتزايد بسبب النمو الاقتصادي القوي المدعوم بأسعار النفط العالية حتى عام 2014. ولذلك كانت النتيجة الطبيعية لانهيار أسعار النفط، وتشديد السياسة المالية، وارتفاع تكلفة الإقراض في المملكة أن تقوض الدعم المبني على التدفقات الاستثمارية إلى السوق العقارية. فتجمدت عمليات البيع والشراء على أراضي المضاربة خصوصا غير المخططة والبعيدة عن النطاق العمراني في البداية، فهذه الأراضي كانت تعمل عمل المحافظ الاستثمارية ليس إلا. ومع مضي الحكومة قدما في إصلاح هيكلة الإنفاق والميزانية العامة، والاقتصاد ككل، امتد الجمود ليصل إلى وسط المدن. الجمود أثر في حجم صفقات السوق العقارية، التي باتت تسجل انخفاضا في قيمها شهرا بعد شهر. ولكن التراجع في قيمة الصفقات لا يزال محدودا. استمرار انعقاد الصفقات يعود لاستمرار زخم الطلب من المستهلك النهائي مع رغبة المستثمرين في السيولة على حساب الأرباح الدفترية المتضخمة، فبات الملاك يقبلون بأرباح أقل، أو حتى خسائر محدودة. كل ذلك يحدث ولم يتم بعد البدء في تحصيل الرسوم على الأراضي البيضاء، والذي سيدفع إلى زيادة المعروض. كما أن وقوع المنتجات العقارية كافة في حالة الجمود والتراجع يؤكد أن الرسوم ليست هي الدافع، بل إنها الدورة الاقتصادية الشاملة التي تضم العقار المتضخم والإنفاق الحكومي المتشدد. بناء على معطيات مرحلة الجمود فإني أتوقع، على أقل تقدير، أن ندخل في مرحلة مشابهة للتسعينيات الميلادية من ثبات الأسعار بشكل عام. ثم ما تلبث الإيجارات بالتراجع مع دخول وحدات سكنية جديدة إلى السوق مع انتهاء مشاريع الضواحي الكثيرة. السوق العقارية بالكاد استوعبت صدمة أسعار النفط ولكنها لم تسعر أثر زيادة المعروض الناتج عن الرسوم بعد. ولذلك أنصح بالتريث في قرار الشراء حتى تبدأ تكلفة الإقراض بالتراجع.
إنشرها