هادمو اللحظات الجميلة
لا يوجد أسوأ من هادمي اللحظات الجميلة. لا يترددون في أن يفسدوا فرحة أعيادنا ومناسباتنا السعيدة بأسئلة وتعليقات تجرحنا. مداخلات تبدو كسكاكين تقطع بهجتنا. تسيل دماء أحزاننا. تحول الأفراح إلى أتراح. تنشر العبوس والتجهم على ملامحنا بدلا من الحبور والسرور.
سأعطيكم أمثلة على أسئلتهم التي تبدو في ظاهرها إيجابية لكن في قلبها هي سلبية تماما:
- هل تزوجت؟
- بشر، هل رزقت بأطفال؟
- هل تخرجت؟
تقول الطبيبة هيفاء في رسالة خاصة بعثتها لي عبر حسابي في (سناب تشات)، تطبيق لمشاركة الڤيديوهات المباشرة القصيرة والصور، أنها أقلعت عن حضور حفلات الزواج وعديد من المناسبات الاجتماعية بسبب الأسئلة والتعليقات، التي تحاصرها ريب المنون على شاكلة، (متى نفرح فيك؟)، و(يلا شدي حيلك وفرحينا فيك؟)، و(تزوجي، ترى ما راح تنفعك وظيفتك)، و(عقبالك). أسئلة غير مسؤولة. كأن هيفاء هي التي لا تريد الزواج.. كأنها المسؤولة عن نصيبها. إنها مسألة توفيق بيد رب العالمين. علينا أن نستوعب أن هذه الأسئلة مزعجة ومنفرة. فهيفاء وغيرها لن يترددن في قبول أي شخص يرينه مناسبا. ومتى ما تزوجت هيفاء ورزقت بأطفال، إن شاء الله، سيعرف الجميع دون الحاجة إلى سؤال نغرزه في أعماقها فيفجر حزنا خامدا. والأسوأ من السؤال نفسه هو توقيته. فهذه الأسئلة دائما تهطل علينا في أعياد أو أفراح فتلوثها وتجعلنا نفر منها ولا نبتغيها.
أدرك تماما أن معظم هذه الأسئلة والتعليقات نابعة من حسن نية. لكن النوايا الطيبة غير كافية. يجب أن نحكم عقلنا و(نفلتر) أي سؤال قبل إطلاقه على مسامع غيرنا. فرب كلمة قالت لصاحبها دعني. علينا أن نعي أن بعض الأسئلة والتعليقات والكلمات تمزقنا من الداخل. قد نفتعل ابتسامة على وجهنا لكن في داخلنا نزيف عميق قد يفتك بنا. من الحري بنا أن نقمع فضولنا تجاه إطلاق هذه الأسئلة وتدريب ذواتنا على بلعها وعدم لفظها على مسامع أحبتنا وغير أحبتنا.
ينبغي أن ننصرف عن أسئلتنا الفضولية، التي نرميها على وجوه الآخرين، بلا مبالاة وباستهتار فادح بمشاعرهم. وإذا أردنا أن نسمع منهم أنباء سعيدة، فلندعو لهم. فسؤالنا لن يجلبها لهم يا أصدقائي بل دعاؤنا ودعواتنا.