أمننا في أعلى درجاته

أثبتت الإدانات العالمية للهجمات الإرهابية التي تعرضت لها المملكة، ولاسيما الهجوم في الحرم النبوي بالمدينة المنورة، أن العالم كله مع المملكة، التي تتصدر قائمة البلدان المحاربة للإرهاب بكل أشكاله، ورصدت الأموال ووفرت الوسائل لتمكين الحرب العامة على الإرهاب. لكن الأهم، تبقى تلك التأكيدات الحاسمة من ولي العهد الأمير محمد بن نايف، أن "أمن الوطن بخير، وبأعلى درجاته". تأكيدات من مسؤول كبير، يعرف تماما طبيعة الحرب على الإرهاب، ليس فقط بحكم موقعه الرفيع، بل أيضا من جهة تجربته الغنية على مدى سنوات طويلة، وكلها انصبت على توفير أعلى مستوى من الأمن للبلاد، بصرف النظر عن أي اعتبارات. كان حازما قاطعا حنونا، بحديث عن أمن الوطن، عندما زار المصابين في تفجير الحرم الشريف.
لم تتراجع المملكة عن مسيرتها لجعل العالم أفضل، من خلال نشر السلم والأمن والطمأنينة، حتى عندما تعرضت لعدد من الهجمات طوال عقود. فالمسألة تتعلق بالمبدأ الذي يستند إلى سماحة الدين الإسلامي الرافض لكل أشكال العدوان والقتل دون وجه حق. إلى جانب اعتمادها الوسطية في كل ما يخص العلاقات الإنسانية. ووجدت أنه من الأهمية بمكان أن يكون حوار الحضارات قائما دائما، ولذلك أولته كل دعم مطلوب، من خلال المبادرات والمناسبات العالمية المختلفة، فضلا عن دعمها المالي لمثل هذا الحوار الإنساني الحضاري الذي يتماشى تماما في العقيدة الإسلامية ومعاييرها وشرعيتها. المملكة تحمي الدين الإسلامي بقيم هذا الدين، وليس بأي وسيلة أخرى. إنها المبادئ التي قامت عليها البلاد منذ التأسيس، وستتواصل وفق منهج مفتوح لمن يرغب في الانضمام إليه.
المجرمون الذين قتلوا رجال الأمن في قلب ساحة المسجد النبوي الشريف، لا علاقة لهم بأي قيم تخص الإنسانية. وعندما استهدفوا الرجال المكلفين بحماية الناس من مقيمين وزائرين وحجاج في أطهر بقعة على وجه الأرض، استهدفوا في الواقع الدين الإسلامي برمته. بل استهدفوا كل مسلم في أي زاوية من هذا العالم. إنهم مجموعة من المجرمين اغتصبوا المسمى الإسلامي. لكن العالم يعرف أن الأقنعة ساقطة منذ البداية عن وجوههم الإجرامية القذرة. إنهم الأخطر على الدين الإسلامي من أي جهة تستهدفه في هذا العالم. إنهم مجموعة من المرتزقة، لا مانع لديهم أن يقتلوا مصليا أو طفلا أو امرأة أو شيخا عجوزا بصرف النظر عن انتماءات هؤلاء. إنهم لا يطلبون هويات ضحاياهم قبل ارتكاب جرائهم.
والسعودية عرفت الأمر منذ البداية، وتحركت بكل ما تستطيع من أجل القضاء عليهم، بل إنها فتحت الباب حتى مع الضالين منهم للعودة إلى الصواب، وكي يعرفوا أن الله حق. التزمت معايير الإسلام وتركت المجال مفتوحا أمام من يريد حقا أن يكون جزءا من المجتمع والوطن، والأهم أن يكون جزءا حقيقيا صادقا من الدين الإسلامي. جريمة الحرم النبوي الشريف، واحدة من الاعتداءات التي يقوم بها هؤلاء المجرمون، ومن الواضح أنهم لن يتوقفوا عن جرائهم البشعة الصادمة. هؤلاء لا دين لهم، ولا ذمة، ولا ضمير، ولا أدنى شكل من أشكال الإنسانية.
لكن الأمر ليس بهذه البساطة مع المملكة، التي أعدت منذ زمن طويل العدة للوقوف في وجههم، بغية القضاء عليهم تماما. وهي في الواقع تحارب المجرمين الإرهابيين على مختلف الأصعدة، وتنشد حراكا دوليا أكثر فاعلية، ليس فقط في مواصلة الحرب ضد الإرهاب بالمعيار العالمي، بل أيضا التركيز على حكومات تخريبية تثبت كل يوم أنها جزء أصيل مع آلة القتل التي يستخدمها هؤلاء القتلة، حتى في الحرم النبوي الشريف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي