مشروع الجمارك العربي .. الخطوة الضرورية

إنجاز مشروع توحيد إجراءات الجمارك العربية، خطوة إلى الأمام على الصعيد العربي، مع الإشارة إلى أن هناك ثغرات وفجوات واسعة في التعاون العربي في المجال الاقتصادي، ناهيك عن وجود بعض الأنظمة التي لا تعمل وفق المصلحة العربية الشاملة على مختلف الأصعدة. ولعل ما يميز هذا المشروع، أنه مستمد من تجربة مجلس التعاون الخليجي في هذا المجال، الأمر الذي أضاف قيمة أخرى إلى تراكم التجربة الخليجية الموحدة، على الرغم من أن عمر المجلس نفسه لم يصل بعد إلى أربعة عقود، ما يعزز التجربة الخليجية التي واجهت بعض التباطؤ على أكثر من صعيد. غير أنه ليس بالضرورة أن يكون التباطؤ سلبيا على صعيد البناء الجمعي. فكلما كانت الأمور مدروسة براحة كانت النتائج الإيجابية لها مضمونة.
مشروع توحيد إجراءات "الجمارك العربية"، يتطلب أيضا المراجعة من قبل الأطراف المعنية، وهذا ما طلبته بالفعل، قبل أن يرفع إلى مستوى أعلى في أيلول (سبتمبر) المقبل. وهذه أيضا حالة صحية رغم تأخر كثير من المشاريع العربية على مدى العقود الماضية. فالجانب المتعلق بالجمارك يستدعي البحث المفصل، ليس فقط من أجل تنفيذ جيد، بل أيضا لاستبعاد أي مطبات وانزلاقات قد تحدث في مرحلة التطبيق. خصوصا، أن الدليل الجمركي وقانون النموذج الجمركي الموحد تم الانتهاء منهما بالفعل، بعد الاستناد إلى التجربة الخليجية في هذا المجال. وهذا يعني، أنه بمجرد اعتماده من قبل مديري الجمارك العرب باعتبارهم الجهة المباشرة في عملية التنفيذ، فإن المشروع يمكن أن يدخل نطاق التطبيق الفوري.
ورغم وصول المشروع المشار إليه إلى هذه المرحلة، إلا أن المختصين العرب لا يزالون يعملون على مشروع الربط الإلكتروني المتعلق بالجمارك، وهي خطوة محورية لا يمكن تأخيرها. وهذا الجانب ليس صعبا على كل حال، خصوصا إذا ما كان المشروع الأساس واضحا ومتفقا عليه من قبل كل الأطراف. وفي كل الأحوال، فإن مشروع توحيد الجمارك العربية، لن يفيد التنسيق وتبادل المعلومات وتسهيل الإجراءات فحسب، بل سيضمن التعاطي مع التحديات الأمنية والتجارية بصورة قوية وذات جدوى. بما في ذلك، الجانب الخاص بالتهريب والتزييف. يضاف إلى ذلك، أن من أهم منافع المشروع برمته تعزيز التجارة البينية العربية في الوقت الذي يحتاج فيه العالم العربي إلى مثل هذا التحول الآن أكثر من أي وقت مضى.
مرة أخرى، على الرغم من تأخر الوصول إلى هذه النقطة على الصعيد العربي، فإن إنجازها يعتبر خطوة مهمة وصلبة إلى الأمام. ويرى مسؤولون عرب مختصون في المجال الجمركي، أن التجارب السابقة للعرب في هذا القطاع كانت ناجحة بالفعل، وراكمت كما كبيرا من التجربة وحسن الأداء. بمعنى، أن تجارب كل دولة على حدة، ستسهم مباشرة في إنجاح المشروع المشترك، الذي سيدفع أيضا نحو دعم صلاحية الجمارك ضمن إطار منظمة الجمارك العالمية. وهذه الأخيرة لها دور محوري في التنسيق مع أجهزة الأمن في الحدود والمنافذ الجمركية والأجهزة والمعدات المستخدمة لضبط وتنظيم دخول البضائع من قبل الإدارات الجمركية. إنه مشروع متكامل يخدم الحراك التجاري العربي من كل النواحي، ويضعه ضمن الأطر الدولية العالية الجودة.
ربما نشهد في العام المقبل بدء العمل في المشروع الجديد، ومع استكمال أدواته بما في ذلك النواحي الخاصة بالربط الإلكتروني، فإن العوائد ستظهر بوضوح على الساحة في جميع البلدان العربية، وهذا ما هو مطلوب ليس فقط في تدعيم العمل العربي المشترك، بل أيضا في بناء علاقات موحدة على الساحة العالمية في مجال الجمارك.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي