زيارة واشنطن .. عمل منظم واستثمار أمثل للوقت

كان هدف تحفيز الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد السعودي من أصعب المهام التي رسمتها "رؤية المملكة 2030"، لم يكن أكثر المتفائلين بنجاح "الرؤية" يتوقع أن توافق خمس شركات أمريكية عملاقة على دخول السوق السعودية، في غضون سبعة أيام فقط من زيارة ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان للولايات المتحدة.
وللحقيقة فإن التصورات التي بناها الكثير لأسلوب وطريقة تسويق "رؤية المملكة"، لم تكن تتوقع أن يقود هذه الحملة الأمير محمد بن سلمان بنفسه، لكن الأمير محمد بن سلمان فاجأ الجميع بهذه الروح الشابة المتوثبة والمخلصة التي يقود بها العمل التنموي في المملكة، فها هي سبعة أيام تمر منذ بدأت زيارة ولي ولي العهد للولايات المتحدة، ولكنها سبعة أيام من العمل المتواصل والاجتماعات الطويلة المرهقة، سبعة أيام أثبتت "رؤية المملكة 2030" أنها ليست مجرد قصة نجاح نموذجية، بل هي نموذج نادر للعمل الخلاق، فلقد كان تحفيز كبريات الشركات العالمية الأمريكية لدخول السوق السعودية تحديا ومنافسة للعالم أجمع، ولكننا نجحنا.
لكن لهذا النجاح قصة أخرى لعل الكثير لم يلاحظها مع الزخم الإعلامي الكبير الذي صاحب الزيارة، سواء من داخل المملكة أو من الولايات المتحدة أو من العالم، لقد كانت الزيارة ناجحة؛ لأنه تم التخطيط لها بدقة متناهية، كل زيارة تمت المناقشة فيها بالتفصيل، كل الفرص تمت دراستها، كل اجتماع كان ورشة عمل متكاملة سواء قبله أو بعده. نحن نتذكر القرار التاريخي لخادم الحرمين الشريفين بخصوص السماح للشركات العالمية الكبرى بدخول سوق التجزئة في المملكة، وتزامنا مع الزيارة التاريخية للأمير محمد بن سلمان، قام مجلس الوزراء بالموافقة على اللائحة التي تنظم ذلك، وفي الوقت نفسه منح الأمير محمد بن سلمان موافقة المملكة لأول شركة في قطاع الشركات الدوائية "داو كيميكال" العملاقة، وتأكيدا على هذه الرسالة الواضحة للتنظيم المتقن للعمل، فقد تزامنت الزيارة مع دخول صندوق الاستثمارات السعودي السيادي في شراكة مع شركة "أوبر" العالمية المتخصصة في مجال النقل.
مثل هذا العمل المنظم إلى أقصى حد ومن أقصى الأرض إلى أقصاها لا يمكن أن يحدث بمحض المصادفة، وهذا هو الذي منح الثقة بالعمل، وجعل الشركات الأمريكية العملاقة تتسابق لنيل فرصة اللقاء مع الأمير ووفده، ذلك أن العمل المتقن يمثل انعكاسا حقيقيا لتخطيط منظم جاء به الأمير محمد بن سلمان إلى الحكومة السعودية، وأثمر "رؤية المملكة 2030"، وهذه هي الحقيقة التي لمستها الشركات الأمريكية وكبار رجالاتها الذين رأوا في المملكة فرصة جادة للاستثمار الحقيقي، فهي لا تملك موقعا جغرافيا مميزا فقط، بل هي عازمة على استثمار هذا الموقع بكفاءة، كما هي عازمة على بناء حكومة فاعلة وعمل شفاف وتقديم فرص استثمارية واعدة للعالم أجمع.
سبعة أيام قدم فيها الأمير محمد بن سلمان للوطن جهودا جليلة ومشكورة، سيسجلها التاريخ له بمداد من ذهب، سبعة أيام تنقل فيها الأمير بين الولايات الأمريكية المستهدفة، وحقق مبتغاه في وقت قياسي، وليست زيارة سان فرانسيسكو معقل شركات التكنولوجيا العالمية الكبرى، إلا صورة مصغرة لتلك الجهود الهائلة التي أكدت فيها المملكة أنها تسير نحو الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة، وفي كاليفورنيا انهمك ولي ولي العهد في مناقشة الطريقة لما يمكن الاستفادة بها من الابتكارات المستحدثة في "وادي السيليكون"، كما ناقش مع مستثمري نيويورك الفرص في شركة النفط السعودية المملوكة للدولة، أرامكو، وتابعت وكالات الأنباء العالمية، وسجلت سلسلة الاجتماعات المكثفة التي أجراها الأمير الشاب مع المديرين التنفيذيين لشركات "وول ستريت" ليشرح لهم "رؤية السعودية 2030"، والخطط الاقتصادية المستقبلية للمملكة.
هذا العمل الضخم في هذا الوقت القياسي تعجز المقالات عن حصره وشرحه، وما قدمه الأمير محمد بن سلمان لوطنه يعكس الاهتمام البالغ الذي توليه القيادة لإصلاح الاقتصاد والجدية في ذلك، ولهذا كانت النتائج "إيجابية جداً" وفي سبعة أيام فقط، وانعكست في تقبل المسؤولين الأمريكيين لـ "رؤية المملكة" وتفهم الجميع لهذه "الرؤية" وانعكاساتها، وما أبدته الشركات الأمريكية من دعم للخطط الاقتصادية الجديدة في المملكة، وتطلعها للعمل مع السعودية لتنفيذ هذه الخطط.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي