أئمة الحرمين .. قوة إيمانية

يُستقبل أئمة الحرمين الشريفين في زيارتهم الدول الإسلامية والمراكز الإسلامية في الدول الأخرى بترحيب عظيم واهتمام بالغ، حيث يترك عشرات الألوف أعمالهم وأماكن إقامتهم للمجيء إلى المدينة التي يوجد فيها الإمام الزائر من منبع الإسلام ومهبط الوحي للاستماع إلى حديثه وجها لوجه بعد أن تابعوه لفترة طويلة عبر شاشات المحطات التلفزيونية. هذا الإقبال والقبول لهؤلاء الأئمة يجب استثماره لتحقيق الهدف الوحيد من زيارتهم وهو إيضاح الإسلام الوسطي النقي الصحيح، في وقت كثرت فيه الشبهات والبدع والمذاهب المنحرفة ولقد كتب قبلي حول هذا الموضوع بعض الكُتاب ومنهم الزميل عبدالعزيز قاسم الذي صنف أئمة الحرمين ضمن "القوة الناعمة" وليسمح لي أن أخالفه الرأي. لأن هذا المصطلح السياسي قد تنطوي تحته بعض الأساليب التي لا تنطبق على الأئمة الفضلاء.
لعل أصدق وصف لأئمة الحرمين أنهم "قوة إيمانية" لا يخالطها خداع السياسة وأساليبها الملتوية.. فهم يحملون رسالة إيمانية لا يستطيع أحد أن يشك فيها ولذا يقابلون بهذا الترحيب والاهتمام.
من هذا المنطلق أدعو وفي هذا الوقت الذي يشهد فيه الإسلام الوسطي المعتدل هجمة من الأعداء.. أصحاب المذاهب المنحرفة والبدع المختلفة إلى أن يوضع برنامج مستمر وشامل لزيارات أئمة الحرمين الشريفين لمختلف دول العالم الإسلامي ولتجمعات المسلمين أينما كانوا.. وليكن هذا البرنامج تحت مسمى "رسالة الحرمين العالمية" ويشرف عليه أحد الأئمة المعروفين بسعة الاطلاع على أوضاع المسلمين عالميا والإلمام بسماحة الإسلام باعتباره دين الرحمة للعالمين. وتتوافر هذه الصفات في جميع أئمة الحرمين الكرام, لكن معالي الشيخ صالح بن حميد قد ألف كتابا بعنوان "رفع الحرج في الشريعة الإسلامية" وهو عبارة عن رسالة تبين سماحة الإسلام في مسائل العبادات والمعاملات ولخبرته الطويلة في مجال الدعوة إلى الله يبدو أكثر المؤهلين لتولي هذه المهمة السامية، حيث تعد رئاسة الحرمين تحت إشرافه برنامجا سنويا يتضمن أسماء الأئمة والدول التي ستتم زيارتها وتواريخ تلك الزيارات والحاضرات والفعاليات المستهدفة في تلك اللقاءات المباركة التي كما ذكرنا لا علاقة للسياسة فيها من قريب أو بعيد وإنما هي نشاط إيماني بحت هدفه إبقاء المسلمين على صلة دائمة بمنابع الإسلام الصحيح وإزالة الشوائب التي قد تعترض فهم الإسلام المعتدل النقي والبعيد عن العنف والتطرف والعنصرية والطائفية وإثارة النعرات والكراهية بين بني البشر.

وأخيرا:
أعلم أن هناك زيارات لأئمة الحرمين ولكن المطلوب أن تكون منتظمة بشكل أفضل، ولقد وجدت أن أفضل وقت لطرح هذا الموضوع في هذا الشهر الكريم الذي تتجه فيه الأنظار إلى الحرمين الشريفين وقد انتظمت صفوف المصلين من جميع الجنسيات والألوان والأعمار لم يدفعهم إلى تحمل مشاق السفر إلا إخلاص العبادة لله بعيدا عن مغريات الدنيا ومكاسبها، وسيكون لزيارات أئمة الحرمين لهؤلاء في بلدانهم تجديد لصلتهم بالحرمين الشريفين بين الحين والآخر. وتذكير لهم بواجباتهم الدينية ووجوب المحافظة عليها في وقت كثرت فيه المغريات بجميع أشكالها وأنواعها التي يبدع في تقديمها دعاة الضلال والفتن الموجهة ضد الإسلام والمسلمين بشكل لم يعد خافيا على أحد.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي