الاستثمار في الحب.. قصة زوجين من الخبر

شاهد عندما كان شابا في المرحلة الثانوية في جدة ابنة عمه التي تدرس في المرحلة المتوسطة بالمصادفة. أعجبته هيئتها وأناقتها فبدأ يتتبع أخبارها عن طريق شقيقته. انبهر بتفوقها دراسيا وتميزها في المشاركات اللا صفية. انتقل إلى الجامعة بالرياض وهي انتقلت إلى الثانوية، لكن قلبه كان معها، يتحين الفرص؛ ليعود في الإجازات إلى جدة حتى يكون بالقرب منها مرددا بيت قيس الشهير:
وما حب الديار شغفن قلبي ولكن حب من سكن الديارا
لم يكن يرى محمد محبوبته ولم تكن تراه، كلما أناخ ركابه بمحاذاتها، بيد أن شعوره أنه قريب جغرافيا منها يجعله يمتلئ سعادة. تابع دراسته مدفوعا بحب صادق. توج مسيرته الجامعية بتفوق وبدأت مسيرتها في البكالوريوس بحماسة، لم يصمد كثيرا، تقدم إليها متطلعا أن تتكلل هذه المحبة بالزواج، وافق عمه على الفور وبدأ معها رحلة أسرية توجت بعدة أطفال ضخوا في بيتهم الصغير أحلاما جديدة. لكن بعد نحو ثلاثة عقود من الزواج اكتشف الأطباء إصابة الزوجة بسرطان الثدي، خاضا معركة حامية الوطيس مع المرض، كأي امرأة مغرمة بجسدها وشعرها أحست الزوجة بأسى لأنها تراهما يتساقطان أمامها، في حين كان هناك شعور عاطفي مثير يقرب محمد من زوجته في هذه الظروف، يتذكر: "كانت أهم لحظة في مرضها عندما قلت لها لم لا أحلق بقية شعرك؛ حتى ينبت متساويا ويعود بشكل أجمل وأحلى بعد انتهاء العلاج؟". يشير محمد إلى أنه في تلك اللحظة أزال بقية شعرها وأي شك في داخلها حول اهتزاز حبه لها؛ إذ لم ينس الابتسامة الكبيرة، التي ارتسمت على وجهها بعد انتهاء الحلاقة، فبدلا من أن تكون لحظة حزينة كانت لحظة مبهجة أرست لمرحلة أكثر نضجا، ولم تلبث أن شفيت الزوجة بفضل الله من السرطان حتى اكتشف الأطباء إصابة الزوج بسرطان في القولون، ما أدى إلى انهياره تماما، ولم ينتشله من براثن الخوف والتوجس والقلق بعد توفيق الله إلا الزوجة التي سخرت حياتها لخدمته وبث الأمل في نفسه. لم تفارقه أبدا، تعاملت معه طوال شهور مرضه كرضيع حتى شفي بمشيئة الله إثر وقفتها والأطباء معه.
قصة هذين الزوجين تؤكد أن الاستثمار في الحب هو أجدى وأنجح استثمار متى ما اخترت الشريك المناسب.
وعندما سألت محمد بعد أن التقيته عن النصيحة التي يوجهها للمتزوجين أجابني مبتسما: "تنازل قليلا، تنازلي قليلا، ستنجحان كثيرا".

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي