المستوى القياسي للطاقة الأمريكية في 2021
ذكرت وكالة الطاقة الدولية في توقعاتها متوسطة الأجل في تقرير نشرته في بداية الأسبوع الماضي، أن إعادة التوازن إلى أسواق النفط العالمية سوف تبدأ في عام 2017، حيث إن انخفاض الأسعار يتسبب في تراجع الإنتاج من خارج دول منظمة "أوبك" فاسحا المجال لإمدادات "أوبك" المنخفضة التكاليف. لكن، على مدى السنوات الست المقبلة، سيسهم المنتجون من خارج "أوبك" بقيادة الولايات المتحدة إسهاما أكبر في تلبية النمو المتوقع في الطلب العالمي على النفط، على حد قول الوكالة. لقد أثبتت الإمدادات من خارج دول "أوبك" حتى الآن مرونة عالية في مواجهة الركود في أسعار النفط الذي طال أمده، وهذا قد لعب دورا رئيسا في تمديد الفترة المتوقعة لاستمرار وفرة الإمدادات حتى نهاية العام المقبل.
بحلول عام 2021، ستقود الولايات المتحدة وإيران المكاسب في إنتاج النفط من خارج "أوبك" وداخلها على التوالي، حيث من المتوقع أن يصل إنتاج الولايات المتحدة إلى أعلى مستوياته عند 14.2 مليون برميل في اليوم بحلول نهاية فترة التوقع البالغة ست سنوات. لكن الوكالة قالت إنه من غير المرجح أن تنتعش أسعار النفط قبل ذلك التاريخ، وتضيف الوكالة أن وفرة الإمدادات العالمية سوف تستغرق وقتا أطول مما كان متوقعا في السابق قبل أن تنحسر.
ويحاول المحللون منذ بداية الأزمة فهم متى ستعود أسواق النفط العالمية إلى حالة التوازن. في هذا الجانب قال تقرير الوكالة إنه قبل عام من الآن كان هناك اعتقاد سائد على نطاق واسع أن هذا التوازن سيحدث قبل نهاية عام 2015، ولكن ثبت أن هذا الرأي بعيد جدا عن الواقع. فقط في عام 2017 سوف نرى أخيرا التقارب بين العرض والطلب. ولكن مخزونات النفط الهائلة التي تراكمت خلال الفترة الماضية ستعمل على كبح وتيرة تعافي أسعار النفط حين يشرع السوق، بعد أن يصل لنقطة التوازن، في السحب من المخزونات. وقالت الوكالة إنه من الصعب انتعاش أسعار النفط بشكل كبير على المدى القصير من المستويات المنخفضة السائدة حاليا.
مع ذلك يوم إصدار التقرير، ارتفعت أسعار النفط بنحو 6 في المائة مدعومة بتوقعات الوكالة بأن إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سينخفض في المدى القصير. في ذلك اليوم قفز خام غرب تكساس الوسيط نحو 1.75 دولار ليغلق عند 31.4 دولار للبرميل، وارتفع خام برنت تقريبا بالنسبة نفسها ليغلق عند 34.78 دولار للبرميل.
وقالت الوكالة إنه من المغري جدا، ولكن أيضا في غاية الخطورة، أن نعلن أننا في عهد جديد من انخفاض أسعار النفط. إن مخاطر ارتفاع أسعار النفط بصورة حادة في الجزء الأخير من فترة التوقع ناجمة عن تراجع الاستثمارات بصورة كبيرة، وقد يكون هذا مزعزعا للاستقرار العالمي، كما أثبت الانخفاض الحاد في الأسعار ذلك.
وتشير الوكالة إلى أنه على الرغم من أن أسعار النفط يجب أن تبدأ في الارتفاع تدريجيا بمجرد أن تبدأ إعادة توازن الأسواق في عام 2017، إلا أن توافر الموارد التي يمكن الاستفادة منها بسهولة وسرعة سيحد من مدى هذا الارتفاع ـــ على الأقل في المدى القريب. لكن الوكالة أشارت إلى مخاطر ارتفاع الأسعار في وقت لاحق من فترة التوقع نتيجة عدم كفاية الاستثمار.
تتوقع الوكالة أن يضاف نحو 4.1 مليون برميل في اليوم إلى إمدادات النفط العالمية بين عامي 2015 و2021، مقارنة بنمو إجمالي قدره 11 مليون برميل يوميا خلال الفترة من عام 2009 إلى 2015. هذا الانخفاض في نمو الإنتاج العالمي هو نتيجة ضعف الاستثمار في المشاريع الاستخراجية استجابة للوفرة الحالية في الإمدادات وانخفاض الأسعار الناجم عنها. من المتوقع أن تنخفض الاستثمارات الرأسمالية بنحو 17 في المائة في عام 2017، بعد أن انخفضت 24 في المائة في عام 2015. هذا سيمثل المرة الأولى منذ عام 1986 التي تنخفض فيها النفقات الرأسمالية العالمية للمشاريع الاستخراجية لمدة عامين على التوالي.
وأضافت الوكالة، بعد تراجع الإمدادات من خارج "أوبك" في عام 2016 ستبقى مستقرة في العام القادم وتنتعش في عام 2018 ــــ مرتفعة بنحو مليوني برميل في اليوم في ست سنوات إلى 2021 لتصل إلى 59.7 مليون برميل يوميا. ستبقى الولايات المتحدة المساهم الأكبر في نمو العرض خلال فترة التوقع البالغة ست سنوات، مسؤولة عن أكثر من ثلثي الارتفاع الصافي في الإمدادات من خارج "أوبك".
ستصبح إيران، التي تحررت الآن من العقوبات النووية، أكبر مصدر للنمو داخل "أوبك" على مدى فترة التوقع البالغة ست سنوات، حيث سيبلغ إنتاجها 3.9 مليون برميل في اليوم بحلول عام 2021. ورغم ذلك لن تتيح زيادة الطاقة الإنتاجية لإيران استعادة مركزها كثاني أكبر منتج للخام في "أوبك" بعد السعودية. حيث سيحتل العراق المركز الثاني حتى عام 2021 رغم التباطؤ الملحوظ في تعزيز طاقته الإنتاجية.
بسبب ارتفاع الطلب على النفط وضعف نمو المعروض، تتوقع الوكالة أن تصل حصة "أوبك" السوقية إلى 33.8 في المائة في عام 2020، ارتفاعا من 32.4 في المائة في عام 2015. ترى الوكالة أيضا ارتفاع الطلب على نفط "أوبك" إلى 34.8 مليون برميل يوميا في عام 2021، مقابل 32.1 مليون برميل في عام 2015.
وتقول الوكالة، أي شخص يعتقد أننا قد شهدنا آخر ارتفاع في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة يجب أن يعيد التفكير مرة أخرى. وأضافت الوكالة: من المتوقع انخفاض إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة بواقع 600 ألف برميل يوميا العام الجاري و200 ألف برميل يوميا العام المقبل لكنه سيتعافى تدريجيا خلال الفترة إلى 2021. ترى الوكالة أنه في الفترة من عام 2015 إلى 2021 من المتوقع أن يصل الإنتاج الأمريكي لأعلى مستوى على الإطلاق عند 14.2 مليون برميل يوميا، مدعوما بالمزيد من التحسينات في الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف. وقالت الوكالة إن الانتعاش المتوقع في إنتاج النفط الصخري في الولايات المتحدة سيضمن بقاءها أكبر مصدر للإمدادات الجديدة إلى عام 2021.
من ناحية الطلب، ترى الوكالة أن الطلب العالمي على النفط سينمو بمعدل متوسط قدره 1.2 مليون برميل في اليوم خلال الفترة حتى عام 2021، متجاوزا 100 مليون برميل في اليوم قرب نهاية العقد قبل أن يصل إلى 101.6 مليون برميل في اليوم بحلول 2021.