الأمن الفكري

عندما دعتني وزارة الداخلية للمشاركة في ندوة الأمن والإعلام التي ناقشت خطرا يدهم شباب الأمة ويتمثل في المخدرات الرقمية، لم أكن أتوقع حجم تلك المشكلة والخطورة التي تمثلها. أعترف بأن البحوث التي عرضت والمعلومات المهمة التي ناقشتها أوراق الندوة تحتاج إلى التعميم على جميع المستويات لإيجاد آليات الدفاع المناسبة لمثل هذه المشكلة الكبرى.
توقعت أن تحظى الندوة بحضور أكبر من مسؤولي التعليم الذين يديرون برامج التوعية والتدريب لشبابنا وفتياتنا، لكن الحضور لم يكن بالمستوى المطلوب. مهم أن نعمل على نشر الوعي بخطورة هذه المشكلة التي يقع أغلب ضحاياها في سن المراهقة حاليا، لكنها يمكن أن تطول صغار السن بسبب التعلق الشديد ببرامج وألعاب الحاسب الآلي التي تتجاوز الحدود وتستعصي على الرقابة.
الإعلام وهو يتقصى الحقائق تعامل مع الحدث بمفهوم المناسبة التي تغطى لصالح نشرات الأخبار، لكن الزخم المطلوب لم يكن موجودا وبقينا نتابع النقاشات في القاعة المغلقة، حيث لم تتمكن وسائل النقل الإعلامي من تكوين منصة راعية للحوارات، وتعيين ساعات محددة للنقل والنقاش والحوارات. قد يكون السبب هو انخفاض الوعي بخطورة وحجم المشكلة، وهذه قضية أخرى.
نحن نعاني ترك كثير من المشاكل لتتعاظم، ونراقب تطورها دون أن نفعل شيئا حتى تسيطر المشكلة على اهتمام المجتمع، فتنطلق عمليات التحذير والتعليم والتوعية ولكنها تكون في المكان والزمان غير المناسبين. إشكالية ترمز للثغرة الموجودة بين مكونات الوعي والتربية والتثقيف المجتمعي.
هذه الإشكالية أدت إلى فقدان الثقة لدى كثير من الشباب والكبار بجدوى وسائل التحذير سواء الإعلامية منها أو التربوية أو حتى الدينية، باعتبارها تتابع الحدث ولا تصنعه. وهو ما يميز أغلب وسائل التوعية الغربية التي تعتمد على مراكز السبر والبحث لتحديد الأولويات وتغييرها بسرعة تتوافق مع ما يواجه المجتمع من تحديات وخطورة تلك التحديات.
المهم أن الوزارة أسهمت بقدر من التوعية، وجامعة نايف الأمنية تولت دور النذير في مرحلة مهمة أحسبها ليست متأخرة، لكنها تلزم كل الأطراف الأخرى ذات العلاقة بالبدء في تطوير خطط المكافحة اللازمة لحماية شباب وفتيات المملكة من هذه الآفة المستمر خطرها في التصاعد.
يأتي الآن دور التنسيق والتنظيم المطلوب لعمل برامج فاعلة وأكثر قربا من الفئات المستهدفة للتوعية والحماية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي