من أصعب الأمور التي تواجهني أن تقف أمامي فتاة حزينة أو يصلني إيميل من شاب يشكوان فيه التحطيم المعنوي الذي يشعران به، وحين أستفسر منهما أجد أن أحد الوالدين أو كليهما هو السبب!
لو كان غير الأب أو الأم هو السبب في إحساس بعض الشباب بالسلبية لهان الأمر ولنصحتهما بالابتعاد أو تغيير البيئة أو التركيز على الأهداف وتجاهل تقييم السلبيين، لكني في مثل هذه المشكلة لا أستطيع سوى نصحهما بالصبر والاحتساب والحرص على الموازنة بين رضا الوالدين وتحقيق الطموحات، وهذا بلا شك أمر في غاية الصعوبة فنحن في النهاية نظل بشرا لدينا قدر معين من التحمل!
- يقول خالد منذ صغري وأنا أحلم أن أكون طبيبا جراحا وجعلت من الدكتور العالمي مجدي يعقوب قدوة لي لدرجة أني علقت صورته على جدار غرفتي، وحين يراني والدي أذاكر يقول لي بسخرية "لو تدرس بيديك ورجليك ما راح تفلح وتصير دكتور، مردك مثل إخوانك". هذا التحطيم المعنوي ترك جرحا غائرا في نفسي وعانيت معاناة نفسية شديدة الله أعلم بها، وفي السنة النهائية للثانوي حصلت على نسبة لا تؤهلني لدخول كلية الطب، فزادت سخرية أبي ولكني قررت إعادة السنة من جديد، فكيف أركز على دروسي في ظل هذا التحطيم الذي أواجهه؟!
- تقول عبير أمي صنعت مني إنسانة بائسة محطمة فهي لا تكف عن مقارنتي ببنات أخواتها الرشيقات الجميلات و"بالعرسان" الذين يتوافدون عليهن، وأن حظها "نحس" لأني ابنتها، لقد فكرت بالانتحار كثيرا فحياتي صارت كئيبة بسبب تعليقات أمي الجارحة!
كثير مثل هذه التساؤلات تصلني من الأبناء الذين أشفق عليهم حقا مما يعانونه، ومضطرين لتحمله حتى لا يصل بهم الحال للعقوق!
- الأبوة والأمومة ليست مجرد حمل وإنجاب ومصروفات بل إحساس الأبناء بقيمتهم في أعين آبائهم وأمهاتهم!
- الأبوة والأمومة أن تشعر أبناءك بالاحتواء حين يقسو عليهم العالم!
- أن تدعم أهداف أبنائك وأحلامهم وتؤمن بقدرتهم على تحقيقها!
- أن تهمس لهم سأكون بقربكم حين تحتاجون إلي.. وتفي بوعدك لهم!
- أن تصنع من ثقة أبنائك بربهم ثم بأنفسهم سياجا يحميهم من كل روح سلبية تحاول هدم أرواحهم!
وخزة
محمد الفاتح كانت أمه تأخذه إلى البحر وهو طفل صغير وتشير بيدها إلى أسوار القسطنطينية، قائلة له بثقة: ستفتح هذه الأسوار يوما ما!
