قلق أوروبي
عندما بدأت الثورة في بلاد الشام كانت المملكة داعية لحقن دماء الشعب السوري والمطالبة بحقه في تقرير مصيره. استقبلت المملكة منذ ذلك الوقت أعدادا كبيرة من السوريين، ولم تستخدم وسائل الإعلام لبناء هالة أو تهويل الأمر، وإنما عملت على توفير الحياة الكريمة لكل من تطأ قدمه أرض المملكة.
فتح السعوديون قلوبهم قبل بيوتهم لأشقائهم السوريين، وتعاملوا مع النازحين وكأنهم أبناء وطن واحد، رغم محاولات من كانوا في صف النظام أن يسيئوا للمملكة ويتعاملوا بنفس غير سوية مع ما تقدمه.
تم خلال الفترة السابقة السماح لأعداد كبيرة من السوريين لدخول البلاد دون أن تقام مدن من الصفيح أو ملاجئ أو مخيمات. عاش الجميع معا وتمكن كثير من السوريين من ممارسة مختلف الأعمال التجارية على الرغم من أن هذا يخالف أنظمة البلاد، لكن الدولة أعطتهم أولوية في كل شيء.
بالروح نفسها تعاملت المملكة مع النازحين من اليمن الشقيق، أغلبهم اليوم يعيشون في أكبر المدن، ويمارسون مختلف الأعمال التي تدر عليهم الأموال، وتدفع بهم نحو الاستقرار. حالة قد يرى البعض أنها تحول النازحين إلى مقيمين، ما يفقدهم الحرص على العودة.
يرى كثير ممن يراقبون الوضع أن استمرار اللاجئين في ممارسة الأعمال والحصول على الفرص التجارية يؤدي إلى تكدس قد يطول، وابتعاد عن الهدف الأهم وهو العودة إلى الوطن. يأتي في السياق نفسه إعطاء الأطفال أولوية في المدارس الحكومية والجامعات أسوة بالمواطنين، وهو ما يستحق أن أفرد له مقالا خاصا.
يهمني هنا أن أرصد ما يحدث في دول الديمقراطية والحرية التي بدأت أول ما بدأت بحملات إعلامية ذات أهداف سياسية بحتة. ادعى أغلب السياسيين في أوروبا وأمريكا أنهم يستقبلون السوريين كجزء من التزاماتهم الأخلاقية، وتحدث كثيرون عن الأعداد الكبيرة التي ستستوعبها دولهم من هؤلاء اللاجئين.
سلوك يتضح منه التركيز على محاولة كسب النقاط بغض النظر عن واقع رفض أغلب هذه الدول أن تستقبل مزيدا من السوريين، ومحاولات بعض مواطنيهم الاعتداء على اللاجئين واتهامهم بالإرهاب. مرة أخرى تؤكد المملكة أنها أكبر وأسمى من استخدام أزمات الشعوب لتحقيق مكاسب سياسية وهي تستضيف أكثر من كل من ذهبوا إلى أوروبا مجتمعين.