المهايطية
حين كتبت مقالا عن ظاهرة "الهياط" قبل نحو سنة اتهمني البعض بالمبالغة في تضخيم الظاهرة وهي لا تعدو كونها حدثا عاديا تقوم به مجموعة من الأشخاص وسينتهي الأمر، لكن للأسف الأمر لم ينته بل تحول كما توقعت إلى ظاهرة يجب على المسؤولين أن يتنبهوا إليها لأنها تعدت حدود المقبول لتدخل ضمن الحدود التي نهى الله عنها!
يقول الله تعالى في كتابه الكريم "إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا".
ــــ "فالمهايطية" لم يتجاوزوا حدود التبذير فقط، بل تعدوه للتباهي والتفاخر بأفعالهم وتصويرها ونشرها في وسائل التواصل الاجتماعي، فرأينا من يضع المال في حوض الشعير لتقوم ناقته بأكله، ورأينا من يضعه في "دلة القهوة"، ورأينا من يمسح به أنفه ـــ أعزكم الله ـــ، ورأينا من يصب دهن العود الثمين على أيدي ضيوفه بعد وجبة "مفاطيح"، وآخر يتظاهر بقتل ابنه ليغتسل أصدقاؤه من دمه، و"مهايطي" يعطي طفله ذا السبع سنوات مسدسا ويدعه يقود سيارته ويزرع العنصرية في قلبه البريء!
مقاطع يندى لها الجبين خجلا وتستفز في داخلنا الغضب والاشمئزاز معا!
- من الناحية النفسية فإن "المهايطي" إما شخص يفتقد الثقة بنفسه ولذلك يقوم بأفعال يركز فيها على جذب انتباه الآخرين ويعتقد خاطئا أنها قد تمنحه قيمة في محيطه فيعوض هذا النقص، أو هو شخص يبحث عن الشهرة وتركيز الأضواء عليه بأفعال تتنافى مع العرف المجتمعي من باب "خالف تعرف" في ظل انتشار سعار الشهرة التي أصبح كثيرون يسعون خلفها بأي شكل ووسيلة!
- لذلك أصبح سن القوانين الصارمة مطلبا ضروريا لردع مثل هؤلاء قبل أن يستفحل الأمر ويصبح " الشق أكبر من الرقعة".
- من يتتبع قراءة تاريخ الأمم السابقة سيدرك أن عقاب الله نزل بها بسبب جحودهم وتبذيرهم وكفرهم بالنعم، وما يحدث الآن من "المهايطية" جحود وتبذير وكفر بالنعم!
ولذلك على المجتمع بجميع طبقاته أن يتحمل مسؤولية مكافحة ظاهرة "الهياط"، فخطباء الجمعة تقع على عواتقهم مسؤولية كبيرة في تذكير المجتمع بعاقبة الإسراف والكفر بالنعم، وكذلك المعلمون وعلماء الاجتماع وعلماء النفس ووسائل الإعلام والأسرة.
وخزة
المعتمد بن عبّاد من "مهايطية" التاريخ، عاش ملكا مسرفا ومات أسيرا فقيرا!