رسائل الإرهاب
يتم استغلال البعض في التسويق للإرهاب وأفكاره دون أن يشعر أنه يفعل ذلك. عملية إعادة تدوير بعض الرسائل عبر الـ"واتساب" دون قراءتها واحدة من المعابر صوب منصة تسويق الإرهاب وأفكاره.
تأتينا جميعا رسائل تتخذ من الوعظ شكلا، لكنها في ثنايا ذلك تتضمن تحريضا على هؤلاء أو أولئك، أو تحسينا لفكرة الجهاد، أو تجميلا لصور أناس ارتبطت أسماؤهم وأفعالهم وتسببت بأذى للمجتمع.
إن الإرهاب الذي تواجهه المجتمعات الإنسانية، يتطلب ردعا قويا. وهذا الردع يمكن لكل فرد أن يشارك فيه بطريقته الخاصة، ولعل أسهل طريقة تتمثل في تمحيص الرسائل الوعظية والتدقيق فيها قبل إعادة إرسالها.
مع الأسف إن الـ"واتساب" وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي الأخرى تتضمن غثاء يتوسل بالخطاب الديني من أجل تسويق فكر الخوارج والغلو في الدين، سواء كان هذا الغلو سنيا أو شيعيا.
قبل فترة كانت بعض الجهات الأوروبية تتصور أنه يمكن معالجة الإرهاب بعيدا عن المواجهة الأمنية. حاليا أصبحت كل المجتمعات الغربية شديدة القناعة، إن مواجهة الإرهاب، تستدعي المواجهة العنيفة والطرد وسحب حق الإقامة هناك... إلخ. بل سمعنا من يردد: عندما تكون بلادنا مستهدفة، يصبح الدفاع عنها بمختلف الوسائل أمرا مشروعا. ترددت هذه العبارة في فرنسا وقبلها بريطانيا. وبعد أن كانت ألمانيا مترددة في بعض القرارات، صار موضوع ترحيل من يروجون للإرهاب من المهاجرين أمرا مطروحا.
لقد أسس الإرهاب، الذي تعددت مصادره، قناعة بأهمية الحفاظ على أمن المجتمعات، والدفاع عن هذا الأمن. وهكذا أصبح العالم يخوض مع الإرهاب معركة مصيرية. ولكن ينبغي ألا ننسى أن الإرهاب ليس مقتصرا على القاعدة أو "داعش"، فهناك أطياف شيعية تمارس الإرهاب نفسه في العراق وسورية ولبنان واليمن وكذلك إفريقيا.
إن النظرة المتزنة للإرهاب، باعتباره فعلا شاذا يستحق الإدانة، أيا كان مصدره، يفضي إلى تطهير المجتمعات من هذا الغلو. أما النظر إليه بعين عوراء تدين هذا الطيف وتغض النظر عن ذك، فإنها لا تقدم حلا، بل تؤسس لمشكلات مجتمعية أخطر.