كيف توجد لنفسك حاسة جديدة؟
نحن جزء لا يتجزأ من هذا الكون الفسيح ونعتقد دوما أننا نعرف ما يدور حولنا أفضل من المخلوقات الأخرى، ولكن الواقع عكس ذلك تماما!
نحن لا نرى من عالمنا إلا جزءا واحدا فقط من عشرة تريليونات ما هو موجود في الواقع، أبسط مثال الألوان التي هي عبارة عن أشعة كهرومغناطيسية وموجات ضوئية تحوي درجات من الألوان تنعكس على الأجسام، ثم تتجه لمستقبلات في أعيننا فلا نرى منها إلا ألوانا محددة لا تمثل الألوان الفعلية الموجودة، آلاف الموجات الدقيقة مثل موجات الراديو والمحادثات الهاتفية تعبر من خلال جسدك الآن، ولكنك لا تستطيع التقاطها لأنك غير مجهز لذلك!
والدليل أن الثعابين تستشعر الأشعة تحت الحمراء، والنحل يرى الأشعة فوق البنفسجية التي لا يستطيع الإنسان الشعور بأي منها!
إذًا فحواسنا لا تدرك كل ما هو محسوس حولنا خلافا لما كنا نعتقد، فكل كائن يظن أن العالم من حوله محصور فيما يستطيع فهمه والشعور به، ففي عالم الحيوان كل حيوان له القدرة على التقاط جزء مختلف من الواقع الحسي من حوله، في عالم القُراد الأعمى والأصم أهم الإشارات التي يدرك بها عالمه هي الحرارة، والخفاش يعتمد على الصدى، والكلاب محصور عالمها في الروائح، إذًا هناك أشياء كثيرة ما وراء حدود حواسنا يسميها العلماء "البيئة الحسية".
عقلك المتقوقع داخل ظلام جمجمتك لا يرى ولا يسمع إلا من خلال الإشارات التي تصله عبر وصلات مختلفة غير مكترث لمصدرها، كل ما عليه استخلاص المعلومة التي يكون بها عالمك الخاص، إنه أشبه بجهاز حاسوب عالي الكفاءة وملحقاته!
فأعيننا وآذاننا وأطراف أصابعنا تعمل تماما كالأجهزة الملحقة بالحاسوب، يحصل منها الدماغ على المعلومة ويقوم بتوظيفها إذًا ليس علينا إعادة تصميم الدماغ، وإنما علينا تصميم أجهزة ملحقة جديدة لإيجاد حواس جديدة تجعلنا نفهم أكثر ما يدور حولنا!
أول من قام بإيجاد حاسة جديدة العالم "بول باخ واي ريتا" عام 1969 حين وضع مكفوفين على كرسي أسنان معدل مزود بكاميرا وجعلهم يرون ما هو موجود أمام الكاميرا من خلال نغزات في ظهورهم، والتكنولوجيا اليوم جعلت الكفيف يرى بالصوت من خلال جبهته ولسانه، والأصم يسمع من خلال سترته!
ليس هذا فقط، بل نستطيع اليوم تزويد العقل البشري ببيانات مباشرة من الإنترنت، حيث يستطيع متابعة عشرات من شاشات الأسهم دون عناء ويختار بدقة، كما سيتمكن الطيارون ورواد الفضاء من التحكم في رحلاتهم وقيادتها بنجاح دون إرهاق أعينهم، فالبيانات ستصل إلى أدمغتهم وتترجم هناك مباشرة!