أنظمة السلامة .. وحريق مستشفى جازان
حريق مستشفى جازان ووفاة أكثر من 24 شخصا من الأبرياء الذين دخلوا ذلك المستشفى طلبا للشفاء، فكان الموت يتربص بهم بسبب الإهمال الذي لا مثيل له.. لدرجة أن أبواب الطوارئ مغلقة بالسلاسل لأسباب واهية منها خشية تسرب الموظفين.. هذا الحريق يجب ألا يمر علينا مرور الكرام، بل يجب أن يكون (الضارة النافعة) التي تفتح عيوننا على حجم إهمالنا في مجال السلامة سواء على مستوى منازلنا أو المرافق العامة وأهمها المستشفيات والمدارس والجامعات، ولو قام الدفاع المدني بجولات مفاجئة على تلك المرافق وعلى الدوائر الحكومية والشركات الكبرى والمساجد والفنادق وملاعب الكرة والأسواق التي يرتادها آلاف المتسوقين يوميا، لوجد معظم أبواب الطوارئ مغلقة والسلالم والممرات المؤدية إلى تلك الأبواب قد استخدمت كمستودعات فيها من العوائق ما يصعب اجتيازه في وقت الطوارئ بأنواعها، ومنها الحرائق.. ومن هنا أقول إن السلامة عملية مستمرة تبدأ بإعطاء الترخيص الذي ينص على أن المبنى يضم احتياطات السلامة المطلوبة حسب نظام الدفاع المدني، الذي يقال إن مستشفى جازان لم يحصل عليه وإنما كانت هناك ملاحظات لم يتم الالتفات إليها، ثم هناك الزيارات المفاجئة بين حين وآخر، وهناك أيضا إجراء تجارب الإخلاء التي لم نسمع عنها إلا نادرا. ولعل تجربة شركة أرامكو في هذا المجال تعمم على جميع الأماكن التي يجتمع فيها المئات من الأشخاص.. وجانب آخر ومهم وهو الأخذ بأنظمة الطوارئ الحديثة في المباني، ومنها أجهزة رش المياه وأجراس الإنذار وأجهزة فتح أبواب الطوارئ وجميع هذه الأجهزة تعمل أوتوماتيكيا عند وجود الدخان وارتفاع درجة الحرارة عن حد معين.. وأهم من كل ذلك أن تكون الرقابة دائمة وألا تجامل أي جهة حكومية أو أهلية، فالأرواح أغلى من المجاملات وحتى لا يتحمل الدفاع المدني حملا ثقيلا لا يتناسب مع إمكاناته البشرية والفنية الموجهة بنجاح مشهود لمكافحة الحرائق والحوادث عند وقوعها، أعيد ما اقترحته في مقال سابق حول إنشاء هيئة عامة لإدارة الأزمات يكون من مهامها متابعة إجراءات الأمن والسلامة في المشروعات الكبرى وأماكن تجمع الحشود.. وتتولى هذه الهيئة أيضا وضع الأنظمة والإجراءات الخاصة بالأمن والسلامة التي يقوم الدفاع المدني بتنفيذها ومراقبة الالتزام بها من قبل الجميع، ولعلي أضيف اليوم إن كان هناك صعوبة في إيجاد هذه الهيئة في الوقت الحاضر أن تنشأ جمعيات أهلية في كل منطقة تسمى (الجمعية الأهلية للسلامة) ومهمتها مساعدة الدفاع المدني في مراقبة مختلف جوانب السلامة في المنطقة، وينسجم اقتراح هذه الجمعيات مع نظام مؤسسات المجتمع المدني الذي صدر أخيرا وأسندت إلى وزارة الشؤون الاجتماعية مهمة إعطاء التراخيص لها.
وأخيرا: موضوع السلامة هاجس مهم في كل دول العالم وقد تطورت أساليبه فلم يعد إطلاق خراطيم المياه القوية لإطفاء الحرائق هو العلاج الوحيد وإنما الأساليب الأخرى التي أشرت إليها من قبل، التي تدار آليا.. مع الدعاء أن يحفظ الله بلادنا من كل مكروه وأن يوفق المسؤولين في مختلف القطاعات، وخاصة إجراءات السلامة، للأخذ بأحدث الأساليب، فنحن دولة غنية وقادرة على جلب أحدث التقنيات وتدريب رجال الدفاع المدني عليها وهم المشهود لهم بالكفاءة والإخلاص في عملهم الجليل.