فتى الربع الخالي
من بين كثبان رمال صحراء الربع الخالي حمل لنا مقطع فيديو بسيط قصة إرادة وصمود لفتى مكافح لم يسمح للظروف القاسية أن تكسر همته، أو لرياح سموم الربع الخالي أن تنقص من عزيمته، بل ضرب لنا أروع مثال يمنح الإلهام لمن يؤمن بأن حلمه يوما ما سيكون واقعا مهما كانت التحديات من حوله!
"حزام بن راشد المري" فتي لوحته الشمس بأشعتها فمنحته اسمرارا يحكي واقع مشواره اليومي الذي يقطعه بسيارته لتحقيق حلمه بإكمال دراسته الثانوية.
كل ليلة من بعد صلاة المغرب يغادر "حزام" منطقته في صحراء الربع الخالي، متجها حيث تقع مدرسته في هجرة "الخن"، قاطعا نحو 245 كيلومترا ليليا، من خلال طريق صحراوي غير مسفلت يعلو ويهبط حسب كثبانه وتعرجاته، غير عابئ بظلام الليل الدامس من حوله ولا وعورة الطريق ولا وحشة الوحدة وهو يسعى نحو هدفه، رحلة ليلية رغم مرارتها والجهد المبذول فيها إلا أنه اعتاد أن يقوم بها أربع مرات في الأسبوع، ليتمكن في الصباح من الجلوس في الصف بجانب زملائه المتلهفين على طلب العلم. قصة كفاحه وصبره على هذا المشوار المتعب أثار إعجاب معلميه ومدير المدرسة الذين تسابقوا لمساندته وتسهيل أموره بحدود المستطاع.
يقول عنه مدير المدرسة إبراهيم النعيم "حزام المر يطالب نموذجي، يمتلك العزيمة والإصرار بشكل مبهر".
"فتى الربع الخالي" يمتلك حلما جميلا يدفعه لتحمل كل هذه الصعوبات من أجل الحصول على شهادته الثانوية،
فيقول في لقاء معه "طموح يكبر وهو أن أتعلم وأنشر محو الأمية وسط جماعتي وقبيلتي، وأن أحصل على شهادة الثانوية لأساعد أسرتي فوالدي متوفى" ..!
لم يكن مجرد مقطع فيديو انتشر بشكل عجيب وكأن من يتداولونه لا يصدقون حكاية كفاح "فتى الربع الخالي"، بل كان الأمر في نظري أكبر بكثير من ذلك، فحكايته تثبت لنا أن المستحيل حاجز وهمي يصنعه الفاشلون حتى يكفوا عن المحاولة وبذل مزيد من الجهد.
أما الناجحون فهم أصلا لا يعترفون بالمستحيل، ولذلك حتى في إخفاقاتهم وفشلهم هم يتعلمون ليصبحوا أقوى ويستمرون في السعي نحو تحقيق أهدافهم.
وخزة:
يقول نابليون هيل "ضع دائما صورتك التي تريد أن تكون عليها في عقلك ومخيلتك وستتجه تدريجيا نحوها، إذا لم تهزم نفسك ستهزمك نفسك".