إقامة الحدود .. لأمن الوطن ومصلحة المجتمع

لا شك أن العقوبة ليست هدفا مقصودا في الشريعة الإسلامية ولا يلجأ إليها إلا إذا ما وصلت الأمور إلى خطر يهدد الفرد والمجتمع، منذ أن تأسس نظام الحكم في المملكة بدأ بأساس رصين على أن مرجعية القضاء في الأحكام، بل في جميع شؤون البلاد هو الكتاب والسنة، وأن الحكم بالكتاب والسنة فوق كل اعتبار ونظام، وقد أكد خادم الحرمين الشريفين في أكثر من مناسبة بأنه لا يوجد حصانة لأي إنسان في هذه البلاد تمنع من مثوله أمام الجهات العدلية، فالجميع يستظل بمظلة الشرع وهي التي تحفظ الحقوق وتردع من التعدي على الغير أو الإضرار بالمجتمع، الذي ينظر في أحكام الشريعة يجد أنها لم تأت من أجل التضييق على الناس وفرض سلطة عليهم للانقياد دون وجود حكمة ظاهرة، ولقد كان لتطبيق الشريعة الإسلامية عبر العصور أثر كبير في حفظ الأمن بين أفراد المجتمع المسلم وحفظ الأمن بين الأفراد والحد من التعدي بجميع صوره وأشكاله على حقوق الآخرين في نفوسهم وأموالهم وأعراضهم، بل كان المجتمع المسلم في زمن الفقر والعوز والحاجة منضبطا لا يُسوّغ التعدي على الآخرين مهما كانت الحاجة، وبقدر ما يتحقق الانضباط في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية نجد أن المجتمع يميل أكثر إلى الانضباط وعدم تسلسل الجريمة باعتبار أن الضحية وذويه يجدون في حكم الشرع ما يكفي لاستيفاء كامل حقهم بالقسط والعدل، وتطبيق الشريعة الإسلامية وإن كان لا يمنع من وقوع بعض الجرائم إلا أنه يحقق ما يكفي من الردع الذي يمنع كثيرين من الوقوع فيها ابتداء أو تكرارها.
فهي في الواقع لا تحقق المصلحة للمجتمع فقط، بل للمجرم نفسه إذ إن العقوبات تردع الكثير من الوقوع في الجريمة والتمادي فيها، أما ما يتعلق بالمجتمع والوطن فلا شك أن أكثر ما يحقق الأمن في المجتمع هو الانضباط بأحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقها على كل من تسول له نفسه زعزعة الأمن وتخويف الأفراد.
يعلم كل مواطن حجم الهجمة التي تشن دائما على المملكة بسبب التزامها بالشريعة وتطبيق أحكامها دون تهاون أو مجاملة أو مداهنة وغالبا ما يقود هذه الهجمة بعض المنظمات الغربية، ولكن الغريب في حالة المجموعة التي تم إعدامها بسبب ممارسات أرهبت المجتمع، وشجعت على إحداث الشغب والإضرار بالآمنين، والاعتداء على رجال الأمن أثناء قيامهم بواجبهم، أن تقوم دولة تنسب نفسها للإسلام وتجعله جزءا من اسم بلادها بأن تحرض على بلد مسلم، بل البلد الذي يحتضن الحرمين الشريفين ويطبق الشريعة الإسلامية في ظل الضغوط التي يواجهها من بعض المنظمات التي تنتقد تطبيق الشريعة الإسلامية، فضلا عن تفاصيل أحكامها في موقف يتناقض مع أبسط ما يتطلبه دعم تطبيق الشريعة الإسلامية، وفي موقف طائفي مقيت شجع على إحداث الشغب ووقفت موقف المشاهد لما يتناقض مع بسط المواثيق الدولية بتأليب بعض مجموعات الشغب لاقتحام المؤسسة الدبلوماسية لدولة يفترض أن تحظى منها بمعاملة خاصة باعتبارها تشترك معها في الدين وجارة، ولكنها صعدت في الموقف وسيست إجراء نظاميا أبعد ما يكون عن الطائفية وهو ما كان يهدف إلى إحداث الفرقة والطائفية بين المواطنين في المملكة مع أن التعايش بين أفراد المجتمع بمناطقه المختلفة كانت وما زالت سمة غالبة، والتعايش بين السنة والشيعة في تاريخ المنطقة الشرقية هو السمة السائدة على الرغم من جهود إيران لتشجيع زعزعة الأمن في المجتمع إلا أن محاولاتها باءت بالفشل فأصبحت تعتمد التلبيس والمغالطات والافتراء ومن ثم التضخيم من أجل الإساءة للمملكة والسعي للتدخل في شؤونها الداخلية في موقف يدل على عداء مبطن من قبل النظام الذي يحكم إيران، ليس ذلك فقط بل الفشل الذريع الذي مُني به النظام الإيراني خلال السنوات الماضية الذي كلفه قوت مواطنيه، كان له أثر سلبي عليه على المستوى العالمي وبين المجتمعات المسلمة بل أصبح الكثير من الشيعة يتبرأ من مواقفها وذلك لأن ممارساتها لم تأخذ البعد الطائفي فقط، بل بعدا عنصريا عرقيا وهذا ما جعل هذا النظام في عزلة حتى بين مواطنيه الذين لم يجنوا من ثروات بلادهم إلا عزلة في العلاقات مع دول العالم والاستخدام الأسوأ لهذه الأموال في تكوين ودعم مجموعات تخريبية وإرهابية في دول العالم الإسلامي.
فالخلاصة أن تطبيق الشريعة الإسلامية أمر لا يقبل المساومة في المملكة، وأمن الوطن هو مطلب وطني ليعيش كل مواطن متنقلا بين مدنها وقراها آمنا مطمئنا على نفسه وأسرته، وإقامة الحد على كل من يسعى إلى زعزعة الأمن وترويع المواطنين وشق صف الجماعة التزام شرعي ومطلب مجتمعي لاستمرار التعايش والشعور بالأمن وتقوية الرابط بين أفراد المجتمع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي