Author

في «المطر» أين صوت الشركات؟

|
من يتابع المشهد الإعلامي في السعودية خلال الأيام الفائتة، سيجد أن قضية "المطر" شكلت النصيب الأكبر من اهتمامات الصحافيين وكتاب الأعمدة وبطبيعة الحال مواقع التواصل الاجتماعي. شخصيا، أكتب من واقع اهتمامي بالاستدامة التي تشكل المسؤولية الاجتماعية للشركات أبرز مفردات تحقيقها في أي مجتمع مدني في العالم. اللافت في معظم الأطروحات التي قرأتها هو الجانب النقدي اللاذع للتقصير في حل المشكلات المتراكمة نتيجة مشاريع تصريف الأمطار، وهو نقد مشروع طالما يلتزم بأدوات النقد وأدبياته. ولكن غياب الأطروحات المتخصصة التي تشرح الجوانب الفنية لتلك المشكلات وحلولها الفنية والتقنية كان الأمر المحير بالنسبة لي، وهل نحن نفتقد الكفاءات البشرية والخبرات التي تثري هذه القضية بالموضوعية والمهنية. شيء آخر بدا لافتا، هو أن الجهات الرسمية حاولت الدفاع بأكثر من أسلوب عن موقفها ومدى مسؤولية كل طرف، لكنها أغفلت دور الشركات المنفذة لمشاريع تصريف الأمطار وإلزامها بالظهور الإعلامي لوضع النقاط على الحروف بدلا من ترك الساحة لآراء انطباعية أو انتقادات لأطراف قد لا تكون هي المسؤولة بشكل مباشر عن حالة شبكات تصريف الأمطار في المدن والشوارع الرئيسية. برأيي أن عقود ترسية المشاريع لا بد أن تتوافر مستقبلا على بنود تفرض على الشركات المنفذة للمشاريع الكبرى أن يكون لها مراكز إعلامية ومعلوماتية تخدم كل مشروع وتقدم بيانات تفصيلية عن حالة المشروع وإحصائيات حول خدمته للقطاع الذي يخدمه ومدى ملاءمته لخطط التنمية والنمو السكاني وكل ما من شأنه جعل المشروع أكثر من مجرد قوالب أسمنتية! تقول إحدى النظريات الإدارية: "الأشياء التي لا يمكن قياسها لا يمكن إدارتها" وإن أردنا إسقاط هذه النظرية على واقع الحال لمشاريع كبرى فسنجد أن جهات خدمية حكومية تتورط في إدارة مشاريع تتسلمها من شركات تتعامل بمبدأ "المقاول" أكثر من مبدأ "استدامة المشروع"، وبالتالي مسؤولية تلك الشركات في ضمان أداء أمثل للمشاريع، التي تنفذها، وفق قواعد قياس رقمية يمكن من خلالها تحليل المشكلات التي تطرأ وتشخيصها ووضع العلاج المناسب لها. وصدقا تعمدت أن أشير إلى نماذج متقدمة استطاعت أن تصنع حلولا خلاقة لمشكلاتها لأن لغة من التعاون بين الجميع أسهمت في تحويل الأفكار الصغيرة إلى ورش عمل كبيرة أثمرت عن تعزيز مفاهيم الاستدامة في لغة التفكير الجمعي للمجتمعات المتمدنة التي ترى أنها مسؤولة كل في مجاله عن توريث بيئة صالحة للحياة والازدهار للأجيال القادمة.
إنشرها