قرية الجن
من الكنوز التي اكتشفت مصادفة مدينة لم تطمرها الأتربة من جراء مرور مئات السنين عليها، وإنما بنيت من الأساس تحت الأرض!!
اكتشفها عام 1963 أحد سكان مدينة ديرينكويو التي تقع في وسط تركيا عندما كان يهم بهدم أحد جدران منزله المشيد في الكهوف لعمل ترميمات؛ حينها اكتشف أن الجدار يحجب مدخلا لغرفة وهذه الغرفة تقود إلى غرفة أخرى وهكذا إلى أن قادت في النهاية لاكتشاف أضخم مدينة مهجورة تحت الأرض!
أدهشت الناس بضخامتها وتصميمها الذي يضاهي في غرابته ودقته وتعقيده أهرامات مصر، فهي غريبة ومدهشة بداية من أشكال صخورها البركانية التي نحتتها الرياح والمياه مشكلة لوحة بديعة على سطح الأرض تعرف بـ "مداخن الجنيات"، إلى حين تدلف بوابتها التي تأخذك إلى باطن الأرض لتريك إحدى عجائب الدنيا! تتكون المدينة من عدة طوابق تحت الأرض على عمق يصل إلى 85 مترا، وتبلغ مساحتها 785 ألف متر، كأكبر مدينة تحت الأرض في العالم، تتسع لما بين 35 إلى 50 ألف شخص، مجهزة بكل مستلزمات الحياة وحتى وسائل الراحة من معاصر للزيتون والنبيذ وإسطبلات وأقبية وغرف للتخزين وحجرات للطعام ومصليات، وتتميز بوجود معبد واسع المساحة في الدور الثاني من المدينة الأرضية. فوجودها على هذا العمق يستلزم تصاميم مبتكرة وغاية في الدقة للتغلب على ظروف العيش في باطن الأرض، لذا استخدموا في تهويتها عمود تهوية يبلغ طوله ما يقارب 55 مترا، هيئ ليستخدم إضافة إلى ذلك كبئر للماء لتزويد كل سكان القرية سواء من يعيشون فوق سطح الأرض أم في باطنها بالمياه! كما زودت المدينة بأكثر من 15 ألف فتحة تهوية صغيرة موزعة في أنحائها، ويوجد فيها أنفاق يصل طولها ثمانية كيلومترات تقود إلى مدينة أخرى تحت الأرض تدعى مدينة كابادوسيا ومعابد!
أغلب سكان المنطقة لا يصدقون أن هذه المدينة من صنع البشر وما زالوا يعتقدون أن الجن هم من بنوها وهجروها وسيعودون إليها يوما ما، وأطلقوا عليها اسم "مدينة الجن"!
لم تفتح للسياح إلا بعد ست سنوات من اكتشافها أي في عام 1969، ولكن لا يمكنك زيارة سوى ثمانية أدوار فقط من الأدوار الـ 13 المكتشفة حتى الآن، أما باقي الطبقات فقد تم التحفظ عليها لدراستها من قبل علماء الآثار والأنثروبولوجيا.
ويرجح المؤرخون أنها بنيت بين القرنين السابع عشر والثامن عشر بواسطة شعب الـ "بهريغيانس" وهم أحد الشعوب الهندوأوروبية التي سكنت تلك المنطقة منذ القدم، ومن ثم تمت توسعة هذه المدينة في العهد البيزنطي من قبل المملكة الأخمينيونية "التي كان مركزها إيران حاليا". ولا يعرف لحد الآن السبب الحقيقي وراء بنائها ولا كيف بنيت بهذه الدقة في عصر لا يملك آلات متطورة دون أن تنهار أو حتى تحدث انسدادات، ولا من بناها؟!